كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

1 ـ جانب التأصيل اللغوي للغريب
أمَّا جانب التأصيل اللغوي للغريب الوارد في الأحاديث التي رتَّبها في كتابه وَفْقَ الترتيب الهجائي المعروف، فيتضح في الجوانب التالية:
1ـ كان ابن الأثير يشرح معنى اللفظة الغريبة بعبارة قريبة مأنوسة، فحديث"خيرُ المال مُهْرَةٌ مأمورة وسِكَّةٌ مأبورةٌ" (1) يورده تحت مادة (أبر) ويقول: "السِّكة: الطريقة المصطفَّة من النخل، والمأبورة: هي الملقَّحة. يقال: أبَرْتُ النخلة وأبَّرْتُها، فهي مأبورة ومُؤَبَّرة، أراد: خيرُ المال نِتاجٌ أو زرعٌ". وفي قوله: "إذا سافرتم في الخِصْب فأعطوا الرُّكُبَ أسِنَّتها (2) ". يقول: "الرُكُب جمع رِكاب وهي الرَّواحل من الإبل. وقيل: جمع رَكُوب، وهو ما يُرْكَبُ من كل دابَّة، فَعُول بمعنى مفعول".
ويُعنى بضبط الفعل في الماضي والمضارع، ويُورد مصدره، كقوله (3) في حديث أبي الأسود: "إن سُئِل أرَزَ"أي: "تقبَّض مِنْ بخله، يقال: أرَزَ يأرِِزُ أرْزاً فهو أرُوزٌ"، وكقوله في حديث (4) : "أنَّ عبداً لابن عمر أَبَقَ فلحق بالروم".
فيورده تحت مادة (أَبق) ويقول: "أبَقَ العبدُ يأبَقُ ويأبِقُ إباقاً إذا هرب، وتأبَّق إذا استتر".
ويقول في حديث (5) "فجعل المشركون يُؤَبِّسون به العباس"أي: يُعَيِّرونه،
__________
(1) النهاية: 1 / 13.
(2) النهاية: 2 / 256.
(3) النهاية: 1 / 38.
(4) النهاية: 1 / 15.
(5) النهاية: 1 / 15.

الصفحة 43