كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

كان اسماً لا صفةً نحو: صحراء وخُنفُساء، وإنما جَمَعه هذا الجمعَ لأنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفةً، تقول العرب لهذه البقول: الخضراء، لا تريدُ لونَها".
وقد يكون اللفظ الغريب الذي عَقَدَ له المادة مُعرَّباً فينص على ذلك، ففي الحديث (1) : "من لعب بالأَسْبَرَنج والنرد فقد غمس يده في دم خنزير". يقول: "هو اسم الفَرَس الذي في الشطرنج، واللفظة فارسية مُعَرَّبة".
وفي الحديث (2) : "ولا أَحْبِس البُرْدَ". يقول: "أي لا أَحْبس الرسُل الواردِين عليَّ، والبريد كلمة فارسية يُراد بها البغل، وأصلها بريده دم، أي: محذوف الذَّنَب لأنَّ بِغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها، فأُعْرِبَتْ وخُففت".
وشغلت مسائل التذكير والتأنيث بال اللغويين، وكان لهم في ذلك مصنفات ودراسات غزيرة، منها مؤلفات تخصصت في هذا الجانب، ومنها ما هو مبثوث في معاجمهم. ويشارك ابن الأثير في كثير من مسائل التذكير والتأنيث، ولا سيَّما ما يتعلق بمادة الغريب الذي عقد له المادة، فقد أورد من شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
وأنتَ لمَّا وُلِدْتَ أشرَقَتِ الْ ... أرضُ وضاءَتْ بنورِكَ الأُفُقُ
يقول (3) : "أنَّث الأفق ذهاباً إلى الناحية".
وفي قصة حنين (4) : "كإمرار الحديد على الطَّسْت الجديد". يقول:
__________
(1) النهاية: 1 / 47.
(2) النهاية: 1 / 115.
(3) النهاية: 1 / 56.
(4) النهاية: 1 / 246.

الصفحة 48