كتاب منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر

بالقوة على قيام الليل فأخَّره، ولا خيرَ في عَزْمٍ بغير حزم، فإنَّ القوة إذا لم يكن معها حَذَرٌ أوْرَطَتْ صاحبها".
وفي الحديث (1) : "لولا أنَّا نَعْصي الله ما عصانا". يقول: "أي: لم يمتنع عن إجابتنا إذا دعوناه، فجعل الجواب بمنزلة الخطاب فسمَّاه عصياناً، كقوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران الآية: 54] .
2 ـ ويُعْنَى صاحبُ"النهاية"بتحرير الأصل الدلالي للاستعمال اللغوي الوارد في الحديث الغريب، من قبيل فقه معاني اللغة وعَقْدِ صلةٍ بين أصل الدلالةِ اللفظيةِ الحسيَّة، وانتقالِ هذا الأصل إلى دلالة معنوية فيها جِدَّةٌ وسَعَةٌ. ففي الحديث (2) : "اللهم أرِّ بينهما". يقول ابن الأثير: "أي ألِّفْ، وأثْبِتِ الوُدَّ بينهما، من قولهم: الدابَّةُ تَأْرِي الدابَّةَ إذا انضمَّت إليها، وأَلِفَتْ معها مَعْلَفَاً واحداً، وآريْتُها أنَا".
ويذكر حديث عائشة (3) - رضي الله عنها- في والدها"وَرَأَبَ الثَّأْيَ". يقول: "أي: أَصْلَحَ الفَسادَ، وأصلُ الثَّأْيِ خَرْمُ مَواضِعِ الخَرْزِ وفسادُه".
وفي الحديث الآخر (4) : "ونَجَح إذ أكْدَيْتُمْ". يقول: "أي: ظَفِرَ إذ خِبْتُمْ ولم تَظْفَروا، وأصله من حافِرِ البئر، ينتهي إلى كُدْيَةٍ، فلا يمكنُه الحفرُ فيتركه".
وفي الحديث (5) : "أحبط الله عمله". يقول: "أي: أبْطله، يقال: حَبِط
__________
(1) النهاية: 3 / 251.
(2) النهاية: 1 / 42.
(3) النهاية: 1 / 205.
(4) النهاية: 4 / 156.
(5) النهاية: 1 / 331.

الصفحة 54