كتاب الموسوعة الحديثية بين الواقع والمأمول

الخطأ من مرَّةٍ واحدة.
وقال أيضاً رحمه الله تعالى (1) : وهنا تخضع للبخاري الرقاب، فما العجب من رَدِّه الخطأَ إلى الصواب، بل العجب من حفظه للخطأ القليل الفائدة، على ترتيب ما أَلْقَوْه عليه من مرَّة واحدة.
وأضاف الحافظ السخاوي (2) : ولا عجب، لأنه في سرعة الحفظ: طويل الباع، وهو إمام النُّقَّاد بلا نِزاع، وحصرُ سيلانِ ذهنه لا يُستطاع.
فإن قيل: كيف ساغ لهم هذا الامتحان العجيب، الذي ارتكبوا بسببه شِبْه الوضع في هذا التقليب، وربما يترتَّبُ عليه تغليطُ المُمْتَحَن، واستمرارُه على روايته، لظنّه أنه صواب، بحيث يُعَدُّ من البلايا والمحن، وقد يسمعُه من لا خبرة له، فيرويه على هذه الصيغة المهملة؟
قلت: لما رأوا فيه من تمام المصلحة، التي منها: معرفةُ رتبة الراوي في الضبط، في ساعة ولمحة.
وأيضاً، ففعلُهم لهذا ينتهي بانتهاء الحاجة، بحيث يزول أثرُه، ونأمن علاجه، وقد فعله غيرُ واحد من الأكابر، المجتهدين في تحقيق السُّنَّة بالألسُن والمحابر.
وما لعلَّه ينتج من مفسدته، فهو دون ما أبديناه من مصلحتِه.
وقال أبو الأزهر (3) : كان بسمرقند أربعمئة ممَّن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيام، وأحبُّوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فأدخلوا إسنادَ الشام
__________
(1) ((هدي الساري)) ص 486.
(2) ((عمدة القارئ والسامع)) ص 55 - 56.
(3) ((سير أعلام النبلاء)) 12 / 411.

الصفحة 14