كتاب الموسوعة الحديثية بين الواقع والمأمول

ثم أقبل على يحيى، فقال: أمَّا هذا - وذراعُ أحمد بيده - فأورعُ من أن يعمل مثل هذا، وأمَّا هذا - يريدني - فأقلُّ من أن يفعل ذاك، ولكن هذا من فعلك يا فاعل.
ثم أخرج رجله، فرفس يحيى بن مَعِين وقلبه عن الدكان، وقام فدخل داره، فقال أحمد بن حنبل ليحيى: ألم أنهك وأقل لك: إنه ثَبْت؟ فقال له يحيى: واللهِ! لرفستُه لي أحبُّ إليَّ من سفرتي.
وقال أبو عُبَيْد الآجُرِّي (1) : قلتُ لأبي داود: كان أبو نُعَيْم حافظاً؟ قال: جدّاً.
ومن أئمة هذا الشأن: الحافظ الإمام الجِهْبذ شيخ المحدِّثين أبو زكريا يحيى بن مَعِين (158 - 233?) .
قال أحمد بن عُقْبة (2) : سألت يحيى بن مَعِين: كم كتبتَ من الحديث؟ قال: كتبتُ بيدي هذه ستَّ مئة ألف حديث.
وقال عبَّاس الدُّوري (3) : سمعتُ يحيى يقول: لو لم نكتب الحديث خمسين مرة، ما عَرَفْناه.
وقال محمد بن نصر الطبري (4) : دخلتُ على يحيى بن مَعِين، فوجدتُ عنده كذا وكذا سَفَطاً دفاتر، وسمعتُه يقول: كتبتُ بيدي ألفَ ألفِ حديث، وكُلُّ حديثٍ لا يُوجَدُ هاهنا - وأشارَ بيده إلى الأسفاط - فهو كذب.
__________
(1) ((سؤالاته)) ص (99) .
(2) ((سير أعلام النبلاء)) 11 / 81.
(3) المصدر السابق 11 / 84.
(4) المصدر السابق 11 / 91 - 92.

الصفحة 7