كتاب منهجية التأليف في السيرة عند ابن كثير

وأشياخ من قريش ولقائه بحيرى الراهب (1) ، وهو نقد مشهور، استند إلى معايير تاريخية وعقلية وحلل الخبر تحليلاً علمياً من جميع جوانبه في أحداثه وألفاظه ودلالاته، واستخدم عقله والأدلة التاريخية ليثبت بطلانه (2) ، وهي خطوات تنبئ عن تمكن الذهبي العلمي ورسوخ قدمه في ميدان نقد متون الروايات.
وفي كتبه الأخرى ناقش الذهبي العديد من الروايات في ميدان السيرة النبوية، ففي ميزان الاعتدال، ردَّ رواية عمر بن حَكَّام عن شعبة بسنده إلى أبي سعيد الخدري وفيها أن ملك الروم أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا فكان فيها جرة زنجبيل.
قال الذهبي: هذا منكر من وجوه:
أحدها: أنه لا يعرف أن ملك الروم أهدى شيئاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيها: أن هدية الزنجبيل من الروم إلى الحجاز شيء ينكره العقل فهو نظير هدية التمر من الروم إلى المدينة النبوية (3) .
ورد قول من قال: إن سلمان الفارسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عُمِّر ثلاثمائة سنة، يقول معقباً على هذا القول: "ومجموع أمره وأحواله وغزوه وهمته وتصرفه وغرسه للجريد وأشياء مما تقدم تبيِّن بأنه ليس بمعمر ولا
__________
(1) تاريخ الإسلام، السيرة النبوية، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، بيروت، 1407هـ، ص:57.
(2) راجع: بشار عواد معروف: الذهبي ومنهجه في كتابه "تاريخ الإسلام"، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، ط1، القاهرة، ص:456-457.
(3) 3/254.

الصفحة 9