كتاب مسائل تحليل الحائض من الإحرام

أفتى شيخُ الإِسلام فقيه عصره الشرفُ المُناوي، وهو مُؤَيِّدٌ لما قال البارزيُّ، فهو المعتمد.
فإن قُلْتَ: فَقْدُ النَّفَقَةِ لا يجوزُ التحلُّلُ به إلَّا لِمَنْ شَرَطَهُ (¬1)، كما صَرَّحوا به؟
قُلْتُ: الظاهرُ أن محل ذلك في التحلُّلِ قبل الوقوفِ، أَمَّا بعده -كما هنا- فيجوزُ التحللُ بسببه وإنْ لم يَشْتَرِطْهُ.
على أَنَّ بعضَ الحنابلة نقل عن طائفة من العُلماء ما يُصَرِّحُ بجواز سَفَرِها وتَحلُّلها تَحَلُّلَ المُحْصَرِ.
وإذا علمت ما تَقَرَّرَ؛ فالأليقُ بمحاسن الشريعة أَنَّ من ابتُلِيَتْ بشيءٍ من أحدِ الأقسام الأربعة المذكورة (¬2) تُقَلِّدُ القائلَ بما لها فيه مَخْلَصٌ. بل اختار بعض الحنابلة وتبعه بعضُ متأخري الشافعية أنه لا يُشترط طُهْرُها إذا لم تتوقع فراغَ حيضها قبل سفر الركب للضَّررِ الشديد بالمقام والرحيل مُحْرِمةً، وأنَّه يجوزُ لها دخولُ المسجدِ للطوافِ بعدَ إحكام الشَّدِّ والغسل والعَصْبِ، كما تباحُ الصلاةُ لنحو السلس، وأنه لا فديةَ عليها لعُذْرِها.
لكن لا يجوز تقليد القائل بذلك لأنه لم يُعلم من قاله من المجتهدين، وغير المجتهد لا يجوز تقليدُهُ! " انتهى كلام ابن حجر الهيتمي.
أقول: قائل هذا من الحنابلة -الذي أخفى الهيتمي رحمه الله
¬__________
(¬1) أي: اشترط ذلك عند نيته والدخول في نُسكه.
(¬2) أي: المذكورة في جزء البارزي، كما سيأتي.

الصفحة 28