كتاب النقص من النص حقيقته وحكمه وأثر ذلك في الاحتجاج بالسنة الآحادية

فالمحدثون ينظرون إليه على أن فيه أسوة حسنة، والتأسي يتأتى بكل ما يتصل به صلى الله عليه وسلم من سيرة وصفات بالإضافة إلى الأقوال والأفعال، والتقريرات.
والأصوليون ينظرون إليه على أنه المشرع عن الله، والتشريع يتأتى بالقول والفعل والتقرير.
وليس معنى هذا أن كل فريق اقتصر نظره على ما ذكر بالنسبة له، ولكن التركيز لكل كان على ذلك عند تعريف السنة.
فالمحدثون ما غضوا الطرف عن كون الرسول مشرعا عن الله، بل عرفوه هكذا أيضا كما أن الأصوليين لم يغضوا النظر عن كون الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أسوة حسنة، بل عرفوه هكذا أيضا.
السنة عند الفقهاء:
عرفها بعض الفقهاء بأنها: "الطريقة الدينية التي يطالب المكلف بإقامتها من غير افتراض ولا وجوب " وهي ما يعبر عنها عند البعض الآخر: "ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه " ويلتقي مع ما ذكره البعض من أنها: "ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله مع ترك ما بلا عذر" ومع "الفعل المطلوب طلبا غير جازم "1.
والذي يدور البحث حوله هو اصطلاح الأصوليين.
الآحادية:
نسبة إلى الآحاد، والآحاد جمع أحد بمعنى واحد. وهو: المنفرد2.
والسنة الآحادية في اصطلاح المحدثين:
هي: " التي لم تبلغ نقلتها مبلغ المتواتر"3 وضم الحنفية إلى التعريف "أو المشهور"4.
__________
1 راجع: الهداية وشرحه فتح القدير (1/423) وشرح الرسالة لأبي الحسن (1/ 21) وشرح المنهج (1/246) والروض المربع (1/ 35) وحجية السنة (ص/ 51-67) .
2 راجع: تاج العروس (9/ 264- 265) .
3 المتواتر في اللغة: المتتابع، وفي اصطلاح المحدثين: "ما رواه جمع لا يمكن تواطؤهم وتوافقهم على الكذب عن مثلهم من أوله إلى آخره، ومستند روايتهم الحس، وأفاد خبرهم العلم لسامعه ".
انظر: نزهة النظر (ص/ 21) .
4 المشهور في اللغة. الذائع المنتشر، وفي الاصطلاح: "ما كان من الآحاد في الأصل، ثم انتشر فصار ينقله قوم لا يتصور تواطؤهم على الكذب. وهم القرن الثاني فمن بعدهم، وأولئك قوم ثقات أئمة لا يتهمون، فصار بشهادتهم وتصديقهم بمنزلة المتواتر". انظر: المغني للخبازي (ص/ 192-193) .

الصفحة 88