كتاب خطاب الماردي ومنهجه في النحو

وقد صرّح عبد القادر البغدادي بالنقل عن تذكرة أبي حيان في أكثر من موضع 1.
وسوف أختار هنا أشهر آراء خطّاب النحوية، مع توضيحها وتوثيقها، ومراعاة ألاّ أكرر آراءه التي وردت سابقاً، بقدر الإمكان.
(1) من مواضع قلب الياء همزة
تقلب الواو والياء والألف همزة إذا وقعت إحداها بعد ألف مفاعل وكانت مدة زائدة في الواحد، نحو: عجوز عجائز، وصحيفة صحائف، ورسالة رسائل. فلو كانت المدة عيناً لم تهمز نحو: معاون ومعايش ومثاوب جمع معونة ومعيشة ومثوبة. وشذّ الهمز في معائش ومنائر ومصائب.
أما مسائل جمع مسيل فذهب الزبيدي إلى أن الهمزة أصلية فهمزها قياس. وذهب الأعلم وغيره إلى أن مسيلاً مَفعِل من سال، فالهمز في جمعه شاذ 2.
قال خطّاب في الترشيح 3: "مسيل الماء جمعه مسايل بلا همزة، لأنه من سال يسيل، قال زهير-:
(فقال شياهٌ راتعاتٌ بقفْرةٍ) ... بمُستأسدِ القُرْيان حُوٍ مَسايلُهْ 4
وإن شئت همزت، تجعل الميم أصلية، لأن الجمع مُسُل. وحكَى يعقوب 5 في مسيل الماء أن جمعه أمسلة ومُسل ومُسْلان ومسائل، قال: يقال للمسيل مَسَل 6. وقوله يدل على أن الميم أصل، كأنه من مَسَل يمسلُ. انتهى.
وقال الجوهري 7: "ومسيل الماء موضع سيله، والجمع مسايل, ويحمع أيضاً على مُسُل وأمْسلة ومُسلان على غير قياس؛ لأن مسيلاً إنما هو مَفْعِل، ومَفْعِل لا يجمع على ذلك، لكنهم شبهوه بفعيل، كما قالوا: رغيف ورُغُف وأرغفة ورُغفان. ويقال للمسيل أيضاً مَسَل بالتحريك".
__________
1 خزانة الأدب 6/251، شرح أبيات مغني اللبيب 5/216.
2 أوضح المسالك 4/374, ارتشاف الضرب 1/128، منجد الطالبين للشيخ عمارة 34.
3 ارتشاف الضرب 1/128.
4 المستأسد: ما طال من النبت وقوي، القربان: مجاري الماء، حوّ: خضر.
5 هو يعقوب بن السكيت المتوفي سنة 246 هـ، صاحب إصلاح المنطق.
6 إصلاح المنطق لابن السكيت 371.
7 الصحاح (مادة سيل) .

الصفحة 127