كتاب خطاب الماردي ومنهجه في النحو

بحذف الياء وبضم الميم، وأنت تريد يا غلامي. وهذا قبيح لأنه يلتبس المضاف بغيره كقولك: يا غلامُ، إذا أردت يا أيها الغلام, وهذه لغة ذكرها أبو القاسم الزجاجي 1، ولم ينص عليها بالضم، ولكن بعض شيوخنا كان يرويه بالضم، وذلك لا يصحّ. والصواب يا غلامَ بالفتح، فحذف الألف المنقلبة عن الياء، كما حذف الياء من غلامي، وهي قليلة لأن الألف خفيفة والياء ثقيلة، فجاز حذف الياء، وقبح حذف الألف. انتهى.
فخطاب يضعّف لغة الضم، ويصفها بأنها قليلة رديئة قبيحة، بله يخطئها، ويصوّب أن تكون بالفتح، مع أن لغة الفتح عنده قليلة أيضاً.
ولكن لغة الضم التي أنكرها خطاب أجازها بعض النحاة بشرط أمن اللبس، أي ألاّ تستعمل إلا فيما يكثر فيه النداء بالإضافة.
قال أبو حيان 2: "وأقلُّها: يا غلامُ، وقال الأستاذ أبو علي: "وهذا إذا لم يلبس، يعني بالمنادى المقبل عليه"، وقال ابن هشام اللخمي: "يا غلامُ أقبل، لا يجوز على مذهب الجماعة، إنما أجاز سيبويه الضم فيما يراد فيه الإضافة، فيما كثر حتى إذا ضممته علم أن المراد فيه الإضافة".
(9) بدل الاشتمال
اختلف النحاة في المشتمل في بدل الاشتمال على أقوال 3:
ذهب الفارسي في أحد قوليه، والرماني في أحد قوليه، وخطّاب المارديّ إلى أن الأول مشثمل على الثاني. قال خطّاب: "ولا يجوز: سرّني زيدٌ داره، ولا أعجبني زيدّ فرسه، ولا رأيتُ زيداً فرسه. ويجوز: سرّني زيدٌ ثوبُه، وسرَّني زيدٌ قلنسوتُه، لأن الثوب يتضمنه جسده.
وذهب الفارسي في الحجة إلى أن الثّاني مشتمل على الأول نحو: سُرق زيدٌ ثوبُه.
وذهب المبرّد والسيرافي وابن جني والرماني في أحد قوليه وابن الباذش وابن أبي العافية وابن الأبرش إلى أن المعنى المسند إلى المبدل، فيكون إسناده إلى الأول
__________
1 قال الزجاجي في كتابه الجمل 160: "ومن العرب من يقول: يا غلامُ أقبل".
2 ارتشاف الضرب 2/538-539.
3 ارتشاف الضرب 2/624. وانظر هذه المسألة في كتاب ابن الباذش النحوي للدكتور دردير ص 98 وما بعدها.

الصفحة 132