كتاب خطاب الماردي ومنهجه في النحو

ولا شبل أحمى من غزال كأنه ... من الخوف والأحراس في حبس ضيغمِ
ولا عيب فيه عندي لقلة التباسه. وقد جاء مثله لكعب بن زهير في مدحه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول:
فلهو أخوف عندي إذ أكلّمه ... وقيل إنك مسلوبٌ ومقتولُ
من ضيغمٍ من ضراء الأسد مخدرُه ... في بطن عثَّر غيلٌ درنه غيلُ
قال أبو حيان 1: "وتبع ابن مالك خطابّاً، فقال: "وقد يبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس، نحو: ما أجنّه، وما أبخته، وما أشغفه! وهو في أفعل التفضيل أكثر منه في التعجب، كأزهى من ديك، وأشغل من ذات النحيين، وأشهر من غيره، وأعذر، وألوم، وأعرف وأنكر، وأخوف، وأرجى - من شُهر، وعُذر، وليم، وعُرف، ونُكر، وخيف، ورُجي، وإذا لم يلبس فلا يقتصر فيه على السماع، بل يحكم باطراده في فعل التعجب وأفعل التفضيل". انتهى.
المسألة الثانية:
أجاز ابن مالك 2 أن يبنى فعلا التعجب من الأفعال التي يدل على فاعلها بوزن (أفعل) مما يفهم جهلاً، نحو: ما أحمقه، وما أهوجه، وما أرعنه، وما أنوكه! حملا على ما أجهله! لتقاربهما في المعنى". وقال في التسهيل: "ومن فِعْل (أَفَعْلَ) مُفْهِمَ عُسرٍ أو جَهْل".
قال ابن عقيل في شرحه 3: "كحمق ورعن ولُدّ إذا كان عسر الخصومة، وإن كان مذكرها على أفعل ومؤنثها على فعلاء، ناسبت في المعنى جَهِل وعسر، فجرت في التعجب مجراهما، فقيل: ما أحمقه وألدّه! وهو أحمق منه وأرعنُ وألدّ. وأكثر المغاربة عدّوا هذا في الشواذ. وما ذكره المصنف ذكره خطّاب المارديّ. وقال بعض المغاربة: إنه يظهر من كلامِ سيبويه".
وقال خطّاب في الترشيح 4: "وأما قوله: ما أحمقه، وما أرعنه، وما أنوكه، وما ألدَّه! من الخصم الألدّ، فإنما جاز فيه هذا والاسم منه (أفعل) وهو في معنى العاهات والأدواء، لأنهم أخرجوه عن معنى العلم ونقصان الفطنة، وليس بلون، ولا خلقة في الجسد، وإنما هو كقولك: ما أنظره! تريد نظر الفكرة، وما ألسنه! تريد البيان والفصاحة.
__________
1 ارتشاف الضرب 3/45، انظر: شفاء العليل للسلسيلي 606، همع الهوامع 6/42.
2 شرح الكافية الشافية 1088.
3 المساعد 2/163، انظر ك شفاء 606.
4 تذكرة النحاة 292.

الصفحة 136