كتاب خطاب الماردي ومنهجه في النحو

المسألة الرابعة:
يجوز التعجب من كل فعل ثلاثي تنقله إلى (فَعُلَ) مضموم العين، فيصير غير متعّدٍ أيضاً، نحو: ضَرُبَ زيدٌ، في معنى ما أضربه. ولا يلزم فاعله أن يكون معرّفاً بالألف واللام. وإذا بنيته من فعل معتلِّ اللام من ذوات الياء قلبت الياء واواً لانضمام ما قبلها كرَمُو الرجل، في معنى ما أرماه! ومن كلام العرب: لسَرُوَ الرجل، في معنى: ما أسراه! 1.
وقد جعل ابن هشام هذه المسألة في باب نعم وبئس، تبعاً لابن مالك، فقال 2: "وكل فعل ثلاثي صالح للتعجب منه فإنه يجوز استعماله على (فَعُلَ) بضم العين- إما بالأصالة كـ "ظرف وشرف" أو بالتحويل كـ "ضَرُب وفَهُم" ثم يُجرى حينئذٍ مجرى نِعْم وبئس في إفادة المدح والذمّ، وفي حكم الفاعل وحكم المخصوص، تقول: فَهُمَ الرجلُ زيدٌ ... ".
وهذا الذي ذكره ابن هشام من حكم هذا الفعل مع فاعله هو مذهب الفارسي وأكثر النحويين، فيلحق بباب "نعم وبئس" ويثبت له جميع أحكامه. وذهب الأخفش والمبرد إلى أنه يجوز إلحاقه بباب التعجب، فلا يلزم فاعله (أل) والإضمار. قال الشيخ خالد: "وهو الصحيح". وعلى هذا يجوز لك في فاعل (فَعُل) المذكور أن تأتي به اسماً ظاهراً مجرداً من أل، وأن تجره بالباء الزائدة تشبيهاً بفاعل أفعَل في التعجب. نحو: فَهُمَ زيد 3.
قال أبو حيان 4: "وحكى الأخفش الاستعمالين له في الكبير عن العرب، تقول: حَسُنَ الرجل، ولَحَسُنَ زيدٌ - في معنى ما أحسنه! ".
ويبدو أن خطّاباً في هذه المسألة تبع الفارسي ورأياً للأخفش، في إجراء هذا الفعل مجرى نعم وبئس- قال 5: "لَفَعُلَ الرجل" هذا البناء يضمُ فيه عين كل فعل، وهو بمنزلة "نعم وبئسِ " لا يقع إلا على ما فيه الألف واللام خاصة، ولا يكون إلا من ثلاثي, تقول مِنْ كتَب وفهِم وحَسُن: لَكَتُبَ الرجلُ زيدٌ - ولَفَهُمَ، ولَحسُنَ- بضم العين للتعجب. والرجل: رفع بفعله، وزيدٌ: مبتدأ، وخبره فيما قبله. وإن شئت كان خبر مبتدأ مضمر، كما تقدم في نعم وبئس. واللام لام قسم، وإن شئت حذفتها، فقلت: كَرُمَ الرجلُ، وشَرُفَ الغلامُ- بمعنى ما أكرمه وأشرفه!، لا يقع هذا الفعل في التعجب إلا على ما فيه الألف واللام خاصة في قول الأخفش ومن وافقه وقد رأيت في كتاب المقتضب 6 لأبي
__________
1 شرح جمل الزجاج لابن عصفور 1/589.
2 أوضح المسالك 3/280.
3 التصريح 2/98.
4 ارتشاف الضرب 3/27.
5 تذكرة النحاة 292. ارتشاف الضرب 3/28.
6 المقتضب للمبرد 2/149.

الصفحة 137