كتاب التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين

27- أحمد من أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 1 ويقولون: العود أحمد 2.
28- أخوف, في قول كعب بن زهير في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
فلهوَ أخوفُ عندي إذ أُكلِّمه ... وقيل: إنك مسلوب ومقتول
من ضيغم من ضراء الأسد مَخْدَرُهُ ... في بطن عثَّر غيلٌ دونه غِيلُ 3
ب- قيام المفعول مقام الفاعل، جاء في مناظرة النحاس وابن ولاّد: أن ابن ولاّد قال: "نحن إذا قلنا: اجعل الفاعل مفعولاً, ساغ لنا ذلك في الفاعل إذا تعجبت منه، ولم يكن في الأصل مفعولاً، كان ذلك جائزاً فيما قام مقامَه، وهو لم يُسمَّ فاعله، وإلا لم يكن في موضعه، ولا في مقامه " 4.
ومما هو ذو وصلة قوية بهذا الدليل اختلاف النحاة في مجيء المصدر من الفعل المبني للمفعول: الذي لم يُسمَّ فاعله، وهي مسألة خلاف: أيجوز أن يعتقد في المصدر أنه مبني للمفعول، كما هو مذهب الأخفش، واختاره الزمخشري، فيجوز: عَجبْتُ من ضَرْب زيدٍ، على أنه مفعول، لم يسم فاعله، ثم يضاف، أم لا يجوز ذلك؟.
فيه ثلاثة مذاهب، يفصّل في الثالث بين أن يكون المصدر من فعل لم يُبن إلا للمفعول الذي لم يُسمَّ فاعله، نحو: عَجِبْتُ من جُنُونِ زيدٍ بالعلم، لأنه من "جُنِنْتَ" التي
1 من أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أحمد، على زنة (أفْعَل) التفضيل، مشتق من الحمد، وقد اختلف الناس فيه، هل هو بمعنى فاعل أو مفعول؟. فقالت طائفة: هو بمعنى الفاعل، أي: حمده لله من حمد غيره له، فمعناه أحمد الحامدين لربه، ورُجح هذا بأن قياس (أفْعَل) التفضيل أن يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول، ومعنى هذا الاسم على هذا القول: أحمد الناس لربهم. وعلى القول الآخر بجوار أخذ (أفعل) التفضيل من فعل المفعول، فالمعنى: أحق الناس وأولاهم بأن يُحمد، فيكون كمحمد في المعنى، إلا أن الفرق بينهما أن محمداً هو كثير الخصال التي يحمد عليها، وأحمد هو الذي يحمد أفضل مما يحمد غيره، فمحمد في الكثرة والكمية وأحمد في الصفة والكيفية، فيستحق من الحمد أكثر مما يستحق غيره، وأفضل مما يستحق غيره، فيحمد أكثر حمد وأفضل حمد حُمده البشر، فالاسمان واقعان على المفعول، وهذا أبلغ في مدحه، وأكمل معنىً، ولو أريد معنى الفاعل لسمي الحماد، أي: كثير الحمد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر الخلق حمداً لربه، فلو كان اسمه أحمد باعتبار حمده لربه، لكان الأولى له الحماد، كما سميت بذلك أُمته ". انظر زاد المعاد 1/ 89-90 ,93.
2 مجمع الأمثال 1/ 80.
3 المقرب لابد عصفور 1/ 71-72 وفيه " ما أخوفه عندي! ". وانظر تذكرة أبي حيان 293-294 وفيها: "ولو قلت: ما أخوف زيداً! على أنه المخوف، وما أحمى زيداً! على أنه هو المحمي، لم يجز ذلك؛ لالتباسه بالفاعل، إلا أن يأتي من ذلك ما ليس فيه التباس، وقد رُد على الرمادي قوله:
ولا شبك أحمى من غزال كأنه ... من الخوف والأحراس في حبس ضيغم
ولا عيب فيه عندي (القائل خطّاب الماردي) لقلة التباسه، وقد جاء مثله لكعب، فأورد البيتين ... " وانظر شرح قصيدة كعب بن زهير 280-282 وفيه "أهيب" و"أرهب" وكلاهما تعجب من فعل المفعول وانظر زاد المعاد 1/ 91 وشرح ديوان كعب 21.
4 سفر السعادة 582.

الصفحة 158