كتاب التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين

المفعول؟!. وأيضاً فإن أقمناه مقام المفعول، فإن الفاعل هو المحدث للفعل، وليس كذلك ما يقوم مقامه 1 والشيء إذا شُبه بالشيء من جهة لا يلزم أن يشبه به من كل الجهات، ثم " إن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به، حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان" 2.
فإن جاء عن العرب ما ظاهره أنه تعجب من فعل المفعول نحو: "ما أجَنَّه! " فيقال فيه: إنه حُملِ على المعنى، لأن الجنون داخل "في حيز الأوصاف التي لا تكون أعمالاً، وإنما تكون خصالا في الموصوفين ... فحمل "جُنَّ زيدٌ" على المعنى، لأن العرب تشبه الشيء بالشيء، ويحمل على المعنى إذا وافقه واقترب منه، فمن ذلك قولهم: "حاكم زيدٌ عمروٌ" برفع الاثنين جميعاً، لأن كل واحد منهما فاعل ... " 3.
ج - عدم استقامة أدلة المانعين في نظرهم، إذ قالوا: "وأما تقديركم لزوم الفعل، ونقله إلى (فَعُلَ) فتحكُّم لا دليل عليه، وما تمسكتم به من التعدية بالهمزة ... إلى آخره". فليس الأمر فيها كما ذهبتم إليه، والهمزة في هذا البناء ليست للتعدية، وإنما هي للدلالة على معنى التعجب والتفضيل فقط، كألف (فاعل) ، وميم "مفعول"، وواوه، وتاء "الافتعال"، و"المطاوعة"، ونحوها من الزوائد التي تلحق الفعل الثلاثي لبيان ما لحقه من الزيادة على مجرده، فهذا هو السبب الجالب لهذه الهمزة، لا تعدية الفعل" 4.
"ومما يدل على فساد ما ذهبوا إليه أنهم يقولون: ما أعطاه للدراهم، وأكساه للثياب "، وهذا من " أعطى" و"كسا" المتعدي، ولا يصح تقدير نقله إلى "عطو": إذا تناول، ثم أدخلت عليه همزة التعدية، لفساد المعنى، فإن التعجب إنما وقع من إعطائه لا من عطوه وهو تناوله، والهمزة التي فيه همزة التعجب والتفضيل، وحذفت همزته التي في فعله، فلا يصح أن يقال: هي للتعدية" 5.
وردوا على استدلالهم بتعدية فعل التعجب للمفعول الثاني باللام بأن قالوا: "الإتيان باللام ههنا ليس لما ذكرتم من لزوم الفعل، وإنما أتي بها تقوية له لما ضعف بمنعه من
__________
1 سفر السعادة 582.
2 مجمع الأمثال 1/ 80.
3 انظر سفر السعادة 595-598.
4 زاد المعاد 1/ 92.
5 زاد المعاد 1/ 92.

الصفحة 160