كتاب التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين

التصرف، وأُلزم طريقة واحدة، خرج بها عن سنن الأفعال، فضعف عن اقتضائه وعمله فقويَ باللام كما يقوى عند تقدم معموله عليه، وعند فرعيته، وهذا المذهب هو الراجح كما تراه " 1.
واللام هذه لام التقوية لا لام التعدية، وهي التي تزاد لتقوية عامل ضعف إما بتأخره، نحو: {هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} 2 ونحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ} 3 أو بكونه فرعاً في العمل، نحو: {مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ} 4، و {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} 5 و {وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ} 6 "ونحو: ضربي لزيدٍ حَسَنٌ.
وقد منع ابن مالك زيادة لام التقوية مع عامل يتعدى لاثنين، وعُد من الشاذ - لقوة العامل - قول ليلى الأخيلية:
أحجَّاج لاتعطي العُصاة منَاهم ... ولا الله يعطي للعصاةِ مُناها7
وذهمب المجيزون للتعجب من فعل المفعول، ومنهم الفراء، وابن كيسان، والزجاج والزمخشري، وابن خروف، وابن الطراوة، ذهبوا إلى: أن المجرور بالباء بعد (أَفعِل) موضِعُهُ النصب لا الرفع، فهو في حقيقته مفعول لا فاعل 8 وبناءً على هذا قالوا: إن مما يدل على أن معنى الهمز التعجب لا التعدية " أن الفعل الذي يُعدى باطراد، يجور أن يعدى بحرف الجر، وبالتضعيف، نحو: جلست به وأجلستُه) جَلَّسْتُه (، وقمت به، وأَقمْتهُ
__________
1 زاد المعاد 1/ 92.
ويعضد هذا القول ورود (أفعل) التفضيل متعديا إلى المفعول بنفسه.
قال عباس بن مرداس:
فلم أر مثل الحي حياً مصبحاً ... ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا
أكر وأحمي للحقيقة منهم ... وأضرب منا بالسيوف القوانسا
فالقوانس منصوبة ب"أضرب". ومن خالف قال: "إن "القوانس" عندنا منصوبة على فعل آخر، هذا هو الظاهر تفسيره، فكأنه قال: "نضرب "القوانس" ونحو ذلك، انظر الخاطريات 76.
2 سورة الأعراف آية 154.
3 سورة يوسف آية 43.
4 سورة البقرة آية 91.
5 سورة البروج آية 16.
6 سورة الأحزاب آية 53.
7 انظر المغني 217-218، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 2/ 448-449.
8 ذكر ابن النحاس في التعليقة: أن الباء تحتمل أن تكون للتعدية كمررت به، وزائدة مثل: قرأت بالسورة، الأشباه والنظائر 22/ 156.

الصفحة 161