كتاب إعراب لا إله إلا الله

إله إلا الله1 سألني في وضعها بعض الأصحاب، فأجبته مستمداً من الكريم الوهاب.
[جواز الرفع والنصب في الاسم الواقع بعد إلاّ] :
يجوز الرفع فيما بعد إلا، والنصب. والأوّل أكثر2.
__________
1 "لا" النافية للجنس، تفيد نفي الخبر عن جميع أفراد الجنس الواقع بعدها وتسمى لا التبرئة، لتبرئة المتكلم وتنزيهه الجنس عن الخبر.
وتعمل "لا" عمل إن بشروط، وهي: أن تكون نصا في نفي الجنس، وألا يدخل عليها جار، وأن يكون اسمها نكرة متصلا بها، وأن يكون خبرها نكرة.
وألحقت "لا" بأن في العمل لمشابهتها إياها في التوكيد، فإن "لا" لتوكيد النفي، و"إن" لتوكيد الإثبات.
وإنما يظهر نصب اسمها إن كان مضافا، نحو: لا صاحب برٍ مذمومُ. أو شبيها بالمضاف، نحو: لا طالعاً جبلاً حاضرُ. فإن كان مفردا بني على ما كان ينصب به، لتضمنه معنى "مِن" الاستغراقية كأن قائلا قال: هل من رجل في الدار؟ فقال مجيبه: لا رجل في الدار، والتقدير: لا من رجل في الدار. وقيل إنما بني لتركبه مع لا، وصار كالاسم الواحد مثل خمسة عشر.
وخبر "لا" مرفوع، و"لا" هي الرافعة له عند عدم التركيب، فإن ركبت مع الاسم المفرد فمذهب سيبويه أن الخبر مرفوع بما كان مرفوعا به قبل دخولها، لأن مذهبه أن لا واسمها المفرد في موضع رفع بالابتداء، والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ، ولم تعمل لا عنده في هذه الصورة إلا في الاسم.
وذهب الأخفش وجماعة إلى أن الخبر مرفوع بـ"لا" فتكون "لا" عاملة في الجزءين، كما عملت فيهما مع المضاف والمشبه به.
وحذف الخبر في هذا الباب إذا كان لا يجهل يكثر عند الحجازيين ويلتزم عند التميميين. فإن كان يجهل عند حذفه وجب ثبوته عند جميع العرب. فمن حذفه لكونه لا يجهل "لا إله إلا الله".
ومن الواجب الثبوت لعدم العلم به قوله تعالى (لا ريب فيه) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا أحد أغير من الله) و (لا إله غيركُ) .
(انظر: في مبحث لا النافية للجنس كتب النحو بعامة، ومن ذلك: مغني اللبيب 262، أوضح المسالك 2/3، شرح ابن عقيل 1/393، التصريح على التوضيح للشيخ خالد 2/235، أسرار العربية لابن الأنباري 246، شرح الكافية الشافية لابن مالك1/521، شرح الأشموني والصبان2/2،همع الهوامع 2/193، شرح جمل الزجاجي لابن عصفور 2/271، شرح المفصل لابن يعيش 1/100 وما بعدها، المقتصد في شرح الإيضاح800. الجني الداني 300) .
2 قال المبرد: سألت المازني هل تجيز (لا إله إلا الله) ؟ فأجازه على وجهين: على تمام الكلام، لأنه أضمر لنا وللناس، فنصبه بالاستثناء. والوجه الآخر أن تجعل (إلاّ) وصفا، كأنه قال: لا إله غير الله. وأضمر الخبر، وجعل إلا وما بعدها في موضع غير. ورفعه على البدل من موضع إله أحسن، لأنه إيجاب بعد نفي، والخبر أيضا محذوف. (انظر النكت في تفسير كتاب سيبويه 625_626) .
قال المبرد: سألت المازني هل تجيز (لا إله إلا الله) ؟ فأجازه على وجهين: على تمام الكلام، لأنه أضمر لنا وللناس، فنصبه بالاستثناء. والوجه الآخر أن تجعل (إلاّ) وصفا، كأنه قال: لا إله غير الله. وأضمر الخبر، وجعل إلا وما بعدها في موضع غير. ورفعه على البدل من موضع إله أحسن، لأنه إيجاب بعد نفي، والخبر أيضا محذوف. (انظر النكت في تفسير كتاب سيبويه 625_626) .
وقال الرضي: وأما نحو قولك (لا إله إلا الله) و (لا فتى إلا علي) و (لا سيف إلا ذو الفقار) فالنصب على الاستثناء فيه أضعف منه في نحو: لا أحد فيها إلا زيدا، لأن العامل فيه وهو خبر لا محذوف. (انظر شرح الكافية للرضي 1/239) .
وقال شهاب الدين القرافي: قوله تعالى في سورة آل عمران (شهد الله أنه لا إله إلا هو) و (الم. لا إله إلا هو) وحيثما وقع هذا الاستثناء فهو استثناء من منفي فيجري على اللغتين في رفعه ونصبه، والمشهور رفعه ... (انظر الاستغناء في أحكام الاستثناء 295) .
وقال أبو حيان في نحو (لا إله إلا الله) : ورفع ما بعد إلا على البدل على الموضع أو الصفة على الموضع. ويجوز النصب على الاستثناء. وزعم الجرمي في الفرخ أنه لا يجوز في المرفوع بعد (إلا) إلا الرفع، وقد أجاز سيبويه: لا أحد فيها إلا زيداً، وكذا في قوله:
ولا أمر للمعصي إلا مضيعا (انظر: ارتشاف الضرب 2/167)
وقال السيوطي: إذا وقعت "إلاّ" بعد "لا" جاز في المذكور بعدها الرفع والنصب، نحو: لا سيف إلا ذو الفقار وذا الفقار، ولا إله إلا اللهُ وإلا اللهَ، فالنصب على الاستثناء، ومنعه الجرمي ... (انظر همع الهوامع 2/203) .

الصفحة 47