كتاب إعراب لا إله إلا الله

المعربون من المتقدمين وأكثر المتأخرين1.
قلت: وقد استشكل من قاعدة أن البدل لا بد أن يصحّ إحلاله في محل المبدل منه، وهو على نيِّة تكرار العامل. ولا يصحّ تكرار "لا" لو قلت: إلا عبد الله في قولك: لا أحد فيها إلا عبد الله. لم يجزْ.
وأجاب الشلوبين2 بأن هذا في معنى، ما فيها من أحدٍ إلاّ عبدُ الله، ويمكنك في هذا الإحلال3.
قال ابن عصفور، رحمه الله تعالى: وهذا الإشكال لا يتقرر، لأنه لا يلزم أن يحلّ "أحد" الواقع بعد إلاّ، إنما يلزم تقدير العامل في المبدل منه، والعامل في المبدل منه الابتداء،
__________
1قال ابن السيد البطليوسي في قوله تعالى {شهد الله أنه لا إله إلا هو} _ آل عمران 18_ وقوله "هو" بدل من موضع لا وما عملت فيه، لأن "لا" التبرئة وما تعمل فيه في موضع رفع على الابتداء، وهي في ذلك بمنزلة إنّ وما تعمل فيه. فإن قيل: فما الذي يمنع أن يكون "هو" الموجود في الآية خبر لا التبرئة ولا يحتاج إلى تكلف هذا الإضمار؟.
فالجواب أن ذلك خطأ من ثلاثة أوجه: أحدهما: أنّ "لا" هذه لا تعمل إلاّ في النكرات، فإن جعلت "هو" خبرها أعملتها في المعرفة، وذلك لا يجوز. والثاني: أن ما بعد إلاّ موجب, و "لا" لا تعمل في الموجب، إنما تعمل في المنفي.
والثالث: أنك إن جعلت "هو" خبر التبرئة كنت قد جعلت الاسم نكرة والخبر معرفة، وهذا عكس ما توجبه صناعة النحو، لأن الحكم في العربية إذا اجتمعت معرفة ونكرة أن تكون المعرفة هي الاسم والنكرة هي الخبر. (انظر الأشباه والنظائر للسيوطي 6/243_244) نقلا عن المسائل والأجوبة لابن السيد البطليوسي.
وقال السمين في قوله تعالى (لا إله إلا هو) _ البقرة 163: قوله " إلا هو" رفع "هو" على أنه بدل من اسم لا على المحل، إذ محله الرفع على الابتداء، أو هو بدل من "لا" وما عملت فيه لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء ... (انظر: الدرّ المصون 2/197) ، (وانظر: شرح المفصل لابن يعيش 2/91 التصريح 1/351، همع الهوامع 2/203) .
وقال ابن هشام في المغني 634: وزعم الأكثرون أن المرتفع بعد "إلاّ " في ذلك كله بدل من محل اسم لا، كما في قولك: ما جاءني من أحد إلا زيدُ. وبشكل أن البدل لا يصلح هنا لحلوله محل الأول، وقد يجاب أنه بدل من الاسم مع لا، فإنهما كالشيء الواحد، ويصلح أن يخلفهما، ولكن يذكر الخبر حينئذ فيقال: الله موجود، وقيل هو بدل من ضمير الخبر المحذوف ...
2 الأستاذ أبو علي الشلوبين، عمر بن محمد الأزدي، ولد باشبيلية سنة 562هـ، برع في النحو حتى صار إمام عصره، وأقرأ نحو ستين سنة، وتخرج على يديه جماعة كثيرة من العلماء كابن عصفور والأبذي وابن الضائع. ومن مصنفاته: التوطئة، شرح الجزولية، تعليق على كتاب سيبويه. توفي سنة 645هـ. (انظر: بغية الوعاة 2/224، إنباه الرواة 2/332) .
3 في قولك: لا أحد فيها إلا زيد، برفع (زيد) مراعاة لمحل لا مع اسمها، أو اسمها قبل دخول الناسخ.... واستشكل بعدم صحة إحلال البدل محل المبدل منه، وأجاب الشلوبيين بأن هذا الكلام على توهم ما فيها أحد إلا زيد، وهذا يمكن فيه الإحلال، بأن يقال ما فيها إلا زيد..... (انظر: حاشية الصبان على الأشموني 2/146) .

الصفحة 49