كتاب إعراب لا إله إلا الله

فإذا أبدلت منه كان
مبتدأ، وخبره محذوف. والتقدير في "لا أحد فيها إلاّ عبد الله: لا فيها [أحدٌ] إلا عبدُ الله1.
وهذا فيه تأمل يظهر بما ذكره النحويون، في مسألة (ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيءٌ لا يعبأ به) من أن "إلاّ شيء" بالرفع لا غير على اللغتين2.
أما عند بني تميم فلأنّ (بشيء) في محل رفع، وتعذّر حمله على اللفظ3 لأن الباء لا تزاد في الإيجاب.
وأما عند أهل الحجاز فلأنهم وإن أعملوا ما، و"بشيء" في محل نصب عندهم، فإعمالها مشروط بعدم انتقاض النفي. فما بعد "إلا" لا يمكن تقدير عملها فيه، والبدل على نية التكرار، ولذلك قال سيبويه4: وتستوي اللغتان5.
وقد زعم ابن خروف6 أن مراده بالاستواء فيما قبل إلاّ وفيما بعدها من المستثنى والمستثنى منه.
__________
1 قال أبو علي الفارسي: وقد يحمل في هذا الباب البدل على الموضع لاستحالة حمله على اللفظ ... نحو: لا أحد فيها إلاّ عبد الله. حملت عبد الله على موضع لا مع أحد، لأنّ الموضع رفع بالابتداء ...
قال عبد القاهر الجرجاني: تقول: لا أحدَ فيها إلاّ عبدُ الله، فترفع عبد الله إذا أردت البدل حملا على الموضع، لأنّ موضع لا مع ما عملت فيه بالابتداء، فكأنك قلت: لا فيها أحد إلاّ عبد الله ... (انظر: المقصد في شرح الإيضاح 704_705) .
2 "ما" النافية غير عاملة عند بني تميم، وأعملها الحجازيون عمل ليس، ومنه قوله تعالى (ما هذا بشرا) . ولأعمالهم إياها شروط، منها ألاّ ينتقض نفي خبرها بإلاّ. (انظر: أوضح المسالك 1/274 وما بعدها، شرح الأشموني مع الصبان 1/247) .
3 في المخطوطة " الرفع".
4 سيبويه هو عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر إمام النحاة البصريين، نشأ في البصرة وأخذ عن الخليل ويونس والأخفش الأكبر وعيسى بن عمر، وصّنف الكتاب في النحو، توفي بفارس سنة 180هـ. (انظر بغية الوعاة 2/229_230، إنباه الرواة 2/346_360، أخبار النحويين البصريين للسيرافي 63) .
5 قال سيبويه 2/316: ومثل ذلك: ما أنت بشيءٍ إلا شيءُ لا يعبأ به، من قبل أن "بشيء" في موضع رفع في لغة بني تميم، فلماّ قبح أن تحمله على الباء صار كأنه بدل من اسم مرفوع. و"بشيء" في لغة أهل الحجاز في موضع منصوب، ولكنك إذا قلت: ما أنت بشيء إلاّ شيء لا يعبأ به، استوت اللغتان، فصارت"ما" على أقيس الوجهين، لأنك إذا قلت: ما أنت بشيء إلا شيء لا يعبأ به، فكأنك قلت: ما أنت إلا شيء لا يعبأ به. (وانظر: الأصول لابن السراج 1/363) ، ففيه نص كلام سيبويه، وجاء بعد قوله (وصارت ما على أقيس الوجهين) وهي لغة تميم.
6 ابن خروف هو علي بن محمد بن علي، أبو الحسن بن خروف الأندلسي، من أهل اشبيلية، إمام في النحو واللغة، أخذ النحو عن ابن طاهر وابن ملكون، أقرأ النحو بعدة بلاد، وأقام بحلب مدة. صنَّف شرح كتاب سيبويه، شرح الجمل للزجاجي، مات بحلب وقيل باشبيلية سنة 609هـ. (انظر: بغية الوعاة 2/203. إشارة التعيين 228. البلغة 164) .

الصفحة 50