كتاب إعراب لا إله إلا الله

في الوجود إلا الله، لأن "لا" لا تلغى إلا مكررة1. وكذا البدل هنا على تقدير: ما زيد إلا شيء. وكأن "ما" لها عملان، عمل فيما بعد إلا وهو الرفع، وعمل فيما قبلها وهو النصب، فترك الأول على أحد العملين، وحمل الثاني، وهو ما بعد إلا، على العمل الآخر. انتهى2.
وفي كلامه نظران:
الأول: قوله "ولا يجوز تقدير لا في الوجود إلا الله " ليس معنا في اللفظ إلاّ "لا" واحدة وهي عاملة. نعم إذا أعربناه على ما سبق بدلا نوينا تكرار لا، وانتفى عمل تلك المقدرة بالدخول على المعرفة. ومن أين لزوم التكرار لتلك المقدّرة. ولو قيل إنها تكررت في الجملة كان كافيا في جوابه.
الثاني: جعله باب "لا إله إلا الله " وباب "ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيء" سواء. ولقائل أن يقول بينهما فرق، بأن "الله " مرفوع بدلا من منصوب.
وقد يعتذر له عن الثاني بأن "إلا الله "بدل من موضع اسم لا، لا من "لا" مع اسمها3. بل لا يفتقر إلى ذلك جميعه، فإن العامل المقدر مع البدل هو الابتداء، وهو صالح للعمل في البدل والمبدل منه، كما تقدم في كلام ابن عصفور.
وقد رأيت في المجد المؤثل مما كتبته على المفصّل4 أن الرفع في "ما زيد بشيء إلا شيء" يحتمل5 ثلاثة أوجه: إما البدل من جهة المعنى كما سبق، وإما على موضع "بشيء" قبل دخول "ما"، وإما على أن الرفع في الثاني هو الرفع في الأول، لو اتصف الأول بصفته من
__________
1 قال ابن هاشم في باب لا النافية للجنس: وإن كان الاسم معرفة، أو منفصلا منها أهملت، ووجب عند غير المبرد وابن كيسان تكرارها، نحو: لا زيد في الدار ولا عمرو. ونحو: "لا فيها غول.." أوضح المسالك 2/5.
2 أي كلام ابن الضائع.
3 قال شيخ خالد في التصريح 1/351: قال ابن مالك في شرح التسهيل: رفعت البدل_ يعني الجلالة_ من اسم لا لأنه في موضع رفع بالابتداء، ولم تحمله على اللفظ فتنصبه، لأن لا الجنسية لا تعمل في معرفة ولا موجب. وتبعه على ذلك أبو حيان والمرادي وناظر الجيش والسمين. وهو مشكل فإنّ اعتبار محل اسم لا على أنه مبتدأ قبل دخول لا قد زال بدخول الناسخ، كما قال الموضح في باب إنّ، واعتبار محل لا مع اسمها على أنهما في محل مبتدأ عند سيبويه لا يتوجه عليه تقدير دخول لا على الجلالة ...
قال الشيخ يس في حاشيته: وبيان عدم توجه تقدير دخول لا على الجلالة، أن الجلالة على هذا التقدير بدل من لا مع اسمها لا من الاسم فقط، فالداخل على الجلالة إنما هو الابتداء الذي هو العامل في محل لا مع اسمها، لأن البدل على نية تكرار العامل.
4 لم أجد من ذكر "المجد المؤثل"، ولعله حاشية على مفصل الزمخشري.
5 في المخطوطة "يتخيل".

الصفحة 52