كتاب إعراب لا إله إلا الله

ولا يستنكرون وقوع "إلا" صفة1، فقد جاء {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} 2. ويصير المعنى: لا إلهَ غير الله في الوجود. وقد جاء {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 3 بالوصف، لكنّ الخبر المحذوف قدّره بعضهم "في الوجود"، وقدّره بعضهم "كائن"، وبعضهم "لنا".
قيل والتقديران الأولان أولى من حيث كونه أدل على التوحيد المطلق من غير تقييد. ولذلك جاء {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وأعقب بقوله {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} 4.
وقد يقال إذا قدِّر "لنا" فالمراد لنا أيها العالَم الذي هو كل موجود سوى الله عز وجل، فاتحدت التقادير5.
وقد ردّ الإمام فخر الدين6 على من قدر الخبر "في الوجود" لأن هذا النفي عام
__________
1 قال السيوطي. الأصل في "إلا" أن تكَون للاستثناء، وفي "غير" أن تكون وصفا، ثم قد تحمل إحداهما على الأخرى، فيوصف بإلاّ ويستثنى بغير ... والوصف بها وبتاليها، لا بها وحدها، ولا بالتالي وحده، وحكمه كالوصف بالجار والمجرور.
(انظر: همع الهوامع 3/270_271، وانظر: مغني اللبيب 779) .
2 سورة الأنبياءْ آية:22.
قال ابن هشام في المغني 74: " إلاّ" تكون صفة بمزلة غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه. فمثال جمع المنكر (لو كان فيهما آلهةُ إلا اللهُ لفسدتا) ...
وقال العكبري في التبيان في إعراب القرآن 2/914: "إلا الله" الرفع على أنّ " إلا" صفة بمعنى غير.
(وانظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/388. معنى لا إله إلا الله للزركشي 82) .
3 سورة الأعراف آية: 59 وغيرها.
4 سورة البقرة آية: 163.
5 قال القرطبي 2/191: "لا إله إلا هو" نفي وإثبات. أولها كفر وآخرها إيمان، ومعناه: لا معبود إلا الله.
وقال الشوكاني في فتح القدير 1/ 271: في قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) - البقرة 255 "لا إله إلا هو" أيَ لا معبود بحق إلا هو.
وقال القرافي ِفي الاستغناء في أحكام الاستثناء395 هو مستثني من الضمير المستتر في اسم الفاعل المحذوف، تقديره: لا معبود مستحق للعبادة إلا الله، أو يقال هو مستثني من اسم لا، لأن الإله معناه المعبود فيكون المعنى: لا معبود باستحقاق إلا الله ...
ويقول سماحة الشيخ ابن باز: معنى لا إله إلا الله_ هو أنه لا معبود حق إلا الله، فهي نفي وإثبات، للإلهية عن غير الله، وإثبات لها بحق لله سبحانه وتعالى.. كما قال عر وجل (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) الحج 62.
ثم يقول سماحته أيضا:.. هذا هو معنى لا إله إلا الله وتفسيرها وحقيقتها تخص العبادة بحق لله وحده، وتنفيها بحق عما سواه. ومعلوم أن عبادة غير الله موجودة، وقد عبدت أصنام وأوثان من دون الله، وعبد فرعون من دون الله، وعبدت الملائكة من دون الله،، وعبدت الرسل من دون الله، وعبد الصالحون من دون الله، كل ذلك قد وقع ولكنه باطل، وهو خلاف الحق، والمعبود بالحق هو الله وحده سبحانه وتعالى. (انظر: مجلة البحوث الإسلامية/ العدد25 لسنة 1409 هـ ص 91 وما بعدها) .
6 محمد بن عمر التيمي البكري، أبو عبد الله فخر الدين الرازي، الإمام المفسر الأصولي، ولد في الري وإليها نسبته، من تصانيفه: مفاتيح الغيب في تفسير القرآن، وهو التفسير الكبير، والمحصول في علم الأصول، ومناقب الإمام الشافعي. توفي في هراة سنة 606 هـ. (انظر: الأعلامء 6/313) .

الصفحة 54