كتاب إعراب لا إله إلا الله

الأول، وامتناعه علىَ الثاني1. مع أن كلام أبي البقاء2 في اللباب، وابن يعيش3 في شرح المفصل ما يوهم أن خلاف سيبويه والأخفش في "لا" مطلقا المبني معها الاسم والمعرب، حيث عللا مذهب سيبويه بضعف عمل لا.
ولكن ابن مالك4 في التسهيل5 نقل الاتفاق على عمل "لا" في الخبر إذا كان اسمها معربا، واختار قوله الأخفش فيما إذا بني الاسم معها.
ورتب أبو البقاء على الخلاف أن قوله الشاعر:
__________
1 قال ابن هشام في المغني 619: ونحو {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} إن فتحت الثلاثة فالظرف خبر للجميع عند سيبويه، ولواحد عند غيره، ويقدر للآخرين ظرفان، لأن "لا" المركبة عند غيره عاملة في الخبر، ولا يتوارد عاملان على معمول واحد.
ويفهم من كلام صاحب التصريح أنك إذا قلت "لا رجل ولا امرأة قائمان" فعلى مذهب سيبويه "قائمان" خبر لهما معا، لأنّ مذهبه أن "لا" المفتوح اسمها لا تعمل في الخبر، فهما في موضع رفع، مبتدأ معطوف على مبتدأ، و"قائمان" خبر عنهما جميعا، فيكون الكلام جملة واحدة، نحو: زيد وعمرو قائمان. وعلى مذهب غير سيبويه، كالأخفش القائل بأن "لا" المفتوح اسمها عاملة في الخبر، يقدر لكل منهما خبر ...
وإذا قلت " لا رجل ولا امرأة ... "_ بفتح الأول ورفع الثاني_ فوجهه أن لا الأولى عاملة عمل إنّ، ولا الثانية زائدة، وما بعدها معطوف على محل لا الأولى مع اسمها، فعند سيبويه يكون لهما معا خبر واحد، لأنه خبر مبتدأ وما عطف عليه. وعند غيره لابد لكل واحد من خبر لئلا تجتمع لا والابتداء في رفع الخبر الواحد.. (انظر: التصريح للشيخ خالد 1/241_242) .
وقال الصبان 2/6: ويظهر أثر الخلاف بين الأخفش وسيبويه في نحو: لا رجل ولا امرأة قائمان، فعلى قول الأخفش يمتنع لما فيه من أعمال عاملين لا الأولى ولا الثانية في معمول واحد. وعلى قول سيبويه يجوز لأن العامل واحد.
2 أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري، ولد وتوفي ببغداد، وكان عالما بالنحو واللغة والأدب والفرائض. من مصنفاته: التبيان في إعراب القرآن، إعراب الحديث النبوي، اللباب في علل البناء والإعراب، شرح خطب النباتية. توفي سنة 616هـ.
(انظر: بغية الوعاة 2/38) .
3 يعيش بن علي بن يعيش النحوي الحلبي، ولد سنة 535هـ بحلب، وكان من كبار الأئمة العربية، ماهرا في النحو والتصريف، تصدر بحلب للإقراء زمانا. صنف شرح المفصل للزمخشري، شرح تصنيف ابن جني. مات بحلب سنة 643هـ. (انظر: بغية الوعاة 2/351) .
4 محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني، نزيل دمشق، ولد سنة 600هـ، وكان إماما في القراءات واللغة والنحو والصرف. من مصنفاته: الخلاصة الألفية، التسهيل وشرحه، الكافية الشافية وشرحها، شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. توفي سنة 672هـ. (انظر بغية الوعاة 1/130) .
5 قال ابن مالك في التسهيل: ورفع الخبر إن لم يركب الاسم مع "لا" بها عند الجميع، وكذا مع التركيب على الأصح.
وقال ابن عقيل في شرحه: وهذا مذهب الأخفش والمازني والمبرد وجماعة. فإذا قلت: لا رجل قائم، فقائم مرفوع بلا كما في المضاف وشبهه، إذ التركيب لا يقتضي منع العمل، بدليل عملها في الاسم، وذهب قوم إلى أن لا لم تعمل في الخبر شيئا بل في الاسم، وهي والاسم في موضع مبتدأ، والمرفوع خبره، وهو ظاهر قول سيبويه.
(انظر: المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل 1/341) .

الصفحة 57