كتاب إعراب لا إله إلا الله

وفي بقية الكلام المنسوب للزمخشري، رحمة الله عليه، تعقّب.
سادسها: أن تكون "لا" مبنية مع اسمها، و"إلا الله" مرفوع بإله، ارتفاع الاسم بالصفة، واستغني بالمرفوع عن الخبر، كما في مسألة: ما مضروب الزيدان، وما قائم العمران.
وشجعني على ذلك قول الزمخشري رحمه الله تعالى: إله بمعنى مألوه1، من أُلِه إذا عُبِد. ولو قلت: لا معبود إلا الله، لم يمتنع فيه ما ذكرت.
وعلى ذلك اعتراضان: الأول أن هذا الوصف الرافع لمكتفى به ينظر في دخول النواسخ عليه، فقد منع سيبويه: إنّ قائماً أخواك2.
الثاني: أنه على تقدير عمل "إله" يكون ذلك مطوّلا3 فيقتضي ذلك تنوينه. والتطويل كما يكون بالعمل نصبا، كذلك يكون بالعمل رفعا.
ففي مسائل ابن جني4 رحمه الله تعالى، لشيخه ت إذا قلت: يا منطلق وزيد، وعطفت على المرفوع في منطلق، وقلت إنّ العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه5، أتنصب "منطلق" أم ترفعه؟ فاستقر أمرهما بعد محاورة طويلة على أن ينصب، وأنه مطوّل6.
__________
1 قال الزجاجي في اشتقاق أسماء الله 24: "إله" فعال بمعنى مفعول، كأنه مألوه أي معبود مستحق للعبادة يعبده الخلق ويؤلهونه
2) قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 1/332 في الفاعل الذي يسد مسدّ الخبر نحو قائم زيد: فإن لم يكن الوصف مسبوقا باستفهام ولا نفي ضعف عند سيبويه إجراؤه مجرى المسبوق بأحدهما، ولم يمتنع. وأجاز الأخفش ذلك دون ضعف
وقال أيضا في باب إن وأخواتها 1/478: الفراء والأخفش اتفقا على جواز: إن قائما الزيدان. يجعلان الصفة اسم إن، ويرفعان بها ما بعدها مغنيا عن الخبر، كما يفعل الجميع ذلك بعد النفي والاستفهام، نحو: ما قائم الزيدان، وأقائم الزيدان؟ ...
وقال ابن مالك في التسهيل: ولا يجوز نحو: إنّ قائماً الزيدان، خلافا للأخفش والفراء.. (انظر: شرح التسهيل لابن عقيل 1/213) .
ولم يصرح سيبوسه بهذه المسألة، ولكنها قد تفهم من كلامه 2/127.
3 المطوّل أو المشبه بالمضاف، وهو ما له عمل فيما بعده، نحو: يا ضاربا رجلا، ويا خيرا من زيد، ويا عشرين رجلا ... (انظر: ارتشاف الضرب 3/122) .
4 هو عثمان بن جني، من أحذق العلماء بالنحو والتصريف. لزم شيخه أبا علي الفارسي، ولما مات تصدر ابن جني مكانه. ومن مصنفاته: الخصائص، سر الصناعة، المنصف شرح تصريف المازني، شرح ديوان المتنبي، المحتسب في الإعراب الشواذ. مات سنة 392هـ. (انظر: بغية الوعاة 2/132) .
(انظر: المسألة بالتفصيل في شرح ابن يعيش 8/88_89) .
6 قال أبو حيان: ... وشرط المعمول أن يكون ملفوظا به، فإن كان مستترا في الاسم المنادي، نحو قولك: يا ذاهب، فلو عطفت على الاسم المنادي فقلت: يا ذاهبُ وزيد، بنيتهما على الضم، فلو عطفت على الضمير المستكن في ذاهب، قلت: يا ذاهباً وزيد، تريد يا ذاهبا هو وزيد، وصار مطوّلا، لأنه عامل في زيد بوساطة حرف العطف ... (انظر: ارتشاف الضرب 3/122) .

الصفحة 62