كتاب التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ونماذج منه

المعنى السابع: ورد في معالجة مالك اليتيم عند وليّه وعدم الأكل منه إلا لحاجة قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} النساء:6.
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أنها نزلت في مال اليتيم وفي رواية: في والي اليتيم. إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف1.
وقد فسر المعروف في قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الإِسراء: 34.
قال ابن كثير: "أي لا تقربو إلا مصلحين له، وإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف"2.
والنصوص الشرعية دالة على إباحة الأكل لولي اليتيم من مال يتيمه بقدر الحاجة إذا كان فقيرا.
وأخرج أهل السنن وغيرهم ماعدا الترمذي عنِ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن عندي يتيماَ له مال وليس عندي شيء أفآكل من ماله؟ قال: "بالمعروف " قال ابن حجر: وإسناده قوي3.
قلت: هكذا ذكر ابن حجر لفظه في الفتح إلا أنه في السنن: "أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير وليس لي شيء ولي يتيم، قال: "كل من مال يتيمك غيرمسرف ولا مباذر ولا متأثل" هكذا عند النسائي وأبى داود، أما ابن ماجه فبنحوه4.
فالمعروف هو الحاجة والأكل بالتي هي أحسن، واختلف أهل العلم هل على الولي
__________
1 رواه البخاري في التفسير باب ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف 8/ 241.
2 تفسير القرآن العظيم (2/ 190) . ط الشعب.
3 فتح الباري 8/ 241.
4 أخرجه أبوداود في الوصايا باب ما جاء في مالِ ولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم 3/292والنسائي في الوصايا باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه 6/256 وابن ماجه في الوصايا باب قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} 2/ 907.

الصفحة 131