كتاب تحقيق المقام فيما يتعلق بأوقات النهي عن الصلاة من أحكام

ولعل حجته لجواز القضاء بعد الفجر ما سبق من الأدلة على جواز قضاء ركعتي الفجر بعد الصلاة وقياس بقية السنن الرواتب عليهما.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وما عليه أكثر الأصحاب أنها لا تقضى في أوقات الهي. قال المرداوى: "قال في الواضح أنه اختيار عامة المشايخ1. اهـ.
قلت: وبالمنع قال المالكية أيضا2، وهو الظاهر من مذهب الحنفية، لأن الفرائض عندهم لا تقضى في أوقات النهي الثلاثة الواردة في حديث عقبة وتقضى بعد الفجر وبعد العصر، لكنهم أجازوا ذلك لأنهم رأوا أن النهي فيهما لمعنى في غير الوقت فلا يظهر تأثيره في الفرض3 أما في النفل فإنه ظاهر، كما أن الأصل عندهم في السنن أنها لا تقضى4.
والذي أراه في المسألة عدم جواز قضاء السنن في أوقات النهي5 لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة في تلك الأوقات، ولأن قضاء السنن مندوب وترك المحرم أولى من فعل المندوب6، وما جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة بعد العصر قيل إنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم7. وإن لم يثبت ذلك فهو خاص فيما بعد العصر من الأوقات ولا يشمل بقية أوقات النهي والله أعلم بالصواب.
__________
1 الإنصاف 2/208، وانظر أيضا كشاف القناع 1/453.
2 انظر: الكافي 1/ 165، مواهب الجليل 1/ 416.
3 كما سبق ذلك ص 249.
4 انظر: الهداية 1/72.
5 إلا ركعتي الفجر فقد سبق في المطلب الثاني أن الصحيح أنها تقضى بعد الصلاة لإقراره مج! حيه من فعل ذلك.
6 انظر: المغني 2/ 534، كشاف القناع 1/453.
7 انظر: كشاف القناع 1/453.

الصفحة 257