كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه
وقد تنوّع أسلوب ابن أبي الربيع في عرض المادة العلمية التي أوردها في تفسيره، وبخاصةٍ ما يتعلّق بالعربيّة أداةِ الفهم والبيان، فتارةً يستهل الكلام على الآية بتفسير غريبها وما يتبع ذلك من توجيه المعنى، وتارة يأخذ في تفصيل المسائل النحوية والصرفية معرجاً على ما فيها من خلاف أو مُتَوخّياً له ليحكم فيه بما يراه وتارةً تتواردُ القضايا النحوية والصرفية، والبلاغية على النص فيأخذ في بيان كل قضية منها، وغرضه من التنوّع في العرض تقريب المعنى بما يُعينُ على استنباط الحكم الذي تحتمله الآية أو تدلُّ عليه وقد كان هذا الكتاب- أعني تفسير الكتاب العزيز وإعرابه -خاتمة أعمال ابن أبي الربيع في الدرس والتأليف ونتيجة نشاطه الطويل في هذا الميدان، فهو يمثل قمة النُّضج العلمي الذي انتهى إليه في تحرير المسائل العلمية وتوجيه أقوال المتقدمين وتقويمها وفق منهجه الذي ترَسَّمَهُ في دروسه وتواليفه.
المبحث الثالث: دراسة المسائل النحوية وأثر الإعراب في توجيه المعنى
أ- المسائل النحوية:
يتناول هذا المبحث قضيَّتين: الأولى: المسائل النحوية التي تَعرّض لها ابن أبي الربيع في هذا السفر من تفسير الكتاب العزيز وإعرابه.
الثانية: الإعراب وأثره في توجيه المعنى، وهذه المسألة أساس في تفسير ابن أبي الربيع كما هو واضح من العنوان.
فأمّا المسائل النحويّة التي تطرق لها ابن أبي الربيع فكثيرة في هذا السفر وليس من غرض هذا البحث حصرها، ولكني أقف عند مسائل بعينها، منها السهلة التي لا يختلف في فهمها حذاق العربية وعامة الدّارسين لعلم العربية، ومنها الدَّقيقة التي كانت معترك الاقتران، وقد عرض ابن الربيع كل ذلك بشيءٍ من البسط تارة وأوجز القول تارة أخرى، وكان له موقفٌ من كل ما عرضه، إمّا الترجيح لمذهب ورد ما يعارضه، وإمّا ردّ القول واختيار ما يراه متوجهاً نحو الصحة، وذلك بعد مراجعة طويلة للمسألة أفضت
الصفحة 322
456