كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه
وهذا مِنْ فصيح كلام العرب، قال امرؤ القيس:
تطاولَ ليلُكِ بالاثمُدِ ... فنام الخليّ ولم تَرْقُدِ
وبات وباتت له ليلة ... كليلة ذي العائر الأرمدِ
فانتقل من الخطاب إلى الغيبة، ثم قال في البيت الثالث:
وَذلِكَ مِن نَبأٍ جاَءني ... وَخُبِّرتُهُ عَنْ أبي الأسودِ
انتقل إلى التكلم، ويسمى هذا الالتفات، وهو كثير في القرآن، وهذا من فصيح كلام العرب ...
المبحث التَّاسع
القياس عند ابن أبي الربيع
عَرّفه ابن الأنباري بأنه: (حملُ غيرُ المنقُول على المنقول إذا كان في معناه) .
وقال السيوطي: (وهو معظم أدلة النحو، والمعول في غالب مسائله عليه، كما قيل: إنما النحو قياس يتبع) .
ومن يُقلّب صفحات كتب النحو يجد أنَّ القياس كان أحد الركائز التي قام عليها صرح علم النحو وبُسطت به مسائله وأحكمت قواعده، واسْتقَام به الدرس النّحويُّ، وكان أحد الروافد المعينة لأئمة النحو في توجيه المسائل التي لم يكن لها دليلٌ من نقل فحملوها بمقتضى القياس على ما يماثلها مِمّا استقام نهجها على مجاري كلام العرب. وابن أبي الربيع في مؤلفاته النحوية، وفي هذا السفر من تفسير الكتاب العزيز ينزع منزع السلف من أئمة النحو في التَّعويل على القياس في المسائل التي لا مستند لها من النقل أو السماع الموثوق به، ومِمّا وجهه في هذا الجزء من تفسير الكتاب العزيز وإعرابه على مقتضى القياس ما يلي:
الجر بحرف الجر المحذوف إذا كان مجروره أنّ أو أن وذلك قياساً على (ربّ) قال في
الصفحة 363
456