كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

فَلمّا رَأَوْها مُلْتبِسةً لو بُنِيَتْ على الفتح بلام الابْتدِاءِ كَسَرُوهَا مُطْلَقاً إذا دخَلَتْ عَلى الظّاهِرِ ليجريَ مجرىً واحداً.
اسم: اخْتلَفَ البَصْرِيّون والكُوفيّونَ فيه:
فذَهَبَ البُصْريُّونَ إلى أنَّهُ مِنْ سَما يَسْمو 1، وأن اللامَ فيه مَحُذوفَةٌ، وَهُوَ بمَنْزلَةِ ابن واست، واسْتَدَلُّوا على ذلِكَ بالجمع والتّصْغير، قالُوا في الجمع: أسْماءُ وفيَ الَتّصْغير سُمَيٌّ، وقَالُوا: سَمَّيْت فَرَدوا اللامَ فيها فَدَلَّ ذلِكَ على أنَّ اللّامَ هي المحذوفةُ.
وَذَهَبَ الكُوفِيًّونَ إلى أنَّهُ مِن الْوَسْمِ2، وَهُو العَلامة، وأنَّ فيه تقديماً وتأخيراً، وأمَّا أسماء وسُمِيٌّ فهُوَ مَقْلُوبٌ، وأصْلًهُ: وَسْمٌ ثمَّ أُخّرَتِ الْفَاءُ وَجُعَلِتْ مَكانَ الامِ، فقالوا: أسماءٌ /فقَالُوا: سُمَيّ…. (4)
وَقَوْلُ الكوفِيينٍّ أَقْرَبُ مِن جِهَة الاشْتِقاقِ، وَهُو مع ذلك ضَعِيفٌ من جهَةِ الْقَلْبِ.
وَقَوْلُ البَصْريّينَ أقْرَب، لأنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهم فيه قَلْبٌ والاسْمُ يُظْهرُ مسماة وَيصِير بحيث تَراهُ فالاشتِقاق فيه قَريب وَإنْ كانَ اشْتِقاقُ الكوفيين أقْرَبَ، إلاّ إنًّ هذا القُربَ مِن ادعاءِ القَلْبِ.
وَحَذَفُوا الألَفَ من بِسْمِ اللَّهِ، لأَنَّهُمُ بَنَوْهُ على الاتصال، فَفَعلُوا ذَلِك لِكَثرةِ الاسْتعمال 3، والأصْلُ أنْ تُكْتَبَ الأوائِلُ على حُكْمِ الابْتِدَاءِ، وتُكْتَبُ الأواخِرُ على حُكْمِ الْوَقْفِ، ألا تَرىَ قَوْلُهُ سُبْحانهُ: (سَبِّحِ اسْمَ رَبّكَ، (اقْرَأ باسم رَبّكَ) فهذا كُلُّهُ مَكْتُوبٌ بالألف على الأصْلِ وَلَمْ تُكْتبْ علىَ الاتّصالِ؛ لأنَّهُ لم يَكّثُرَ فيه الاسْتِعمالُ.
__________
1،2 ينظر: معاني القرآن وإعرابه 1/ 40، واشتقاق أسماء الله 255، والإنصات 6- ا، والتبيين132/138.
3حذفت الألف من اللفظ لقيام الياء مقامها، أمّا حذفها خطّا فلِلسّبَب الذي أورثه ابن أبى الربيع وغيره. ينظر معاني القرآن للفراء2/1، ومعاني القرآن وإعرابه 39/1-. 4، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 4 1 1، وإعراب ثلاثين سورة 44.
3يعزى هذا القول ليونس والكسائي والفراء وقطرب والأخفش. ينظر: اشتقاق أسماء الله الحسنى 23.

الصفحة 379