كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

كبير أناس في بجادٍ مُزَمَّلِ 1
وَيقلُّ حَذْفُ الهمزة هُنا، لا تَقُول: نَاسَ إلاَ قليلاً، فإذا دَخَلَت الألفُ واللامُ قُلتَ: النّاسَ، وَلا تقُلْ الأناس إلا قليلاً، قال الشاعر 2:
إنّ المناياَ يَطَّلِعْـ ... ـن على الأناس الأمنينا
وهذا قَليلٌ. الأكْثَرُ في النَّاسِ مع الألفِ واللام سُقُوطُ الهمزة، والأكثر في النَّاسِ
مَعَ عَدمِ الألفِ واللامِ ثبوتُ الهمزة، كأنَّ الألفَ والَلامَ عِوضٌ مِن الهمزةِ في الأكثر.
(الرِّحمن) : اسْمٌ خاصٌ به سُبْحانُهُ لا يَقَعُ على غَيْرِهِ، وفُعْلانُ يأتي عِندَ الامْتِلاءِ، نحو: غِضْبان وسَكْرانَ وَحَيْرانَ وكذلِكَ رحمن..
(الرّحيم) : مبالغةٌ في راحمٍ، والرّحمنُ على هذا أبلغُ مِن الرّحيَّمِ وَلِذلِكَ يُقالُ: رَحْمَنُ الدّنيا والآخرة، وَلَمْ يُقَلْ هذا في الرَّحِيم، وَجَعَلُوا الرّحِيم تابِعاَ للرحمن؛ لأنَّ الرَّحْمَنَ جَرَى مَجْرى الأسماء، والرّحيمُ لَيْسَ كذلِكَ، بل هُوَ باقٍ على صِفتِهِ وَجَرَيانِهِ عَلَى غيرهِ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ الرّحْمَنُ على الرَّحيم.
وَجَاءَ أبو القاسِم الزَّمخشريُّ وقال: هُوَ أكْثَرُ حُرُوفاً مِن الرَّحِيمِ، فَهُوَ لذِلِكَ أبْلَغُ فَهُوَ كالشقدفِ وَالشُّقُنْدافِ 3.
__________
4صدره: كأنّ أبانا في أفانينَ وَدق.
البجاد: كِساءُطَ مخطّط. المزَمّل: الملتِففُ. وجاء المزَمّلُ في البيت مجرورا لمجاورته لكلمةٍ مجرورة هي "بجاد" كما قالوا: هذا جحر ضب خربٍ بجر خرب لمجاورته لضب، ومقتضى سوق الكلام أن يكون مزمّل بالرفع لأنه صفة لكبير، وكبير مرفوع لأًنه خبر كأنّ. والبيت في ديوان امرئ القيس 25، والكامل 815/3، وشرح القصائد السبع الطفل الجاهليات 106، والإفصاح 318.
2 هو الملك ذو جدين الحميري كما في المعمرين 33، وخزانة الأدب 287/2، وشرح شواهد الشافية 296. والبيت في مجالس العلماء 7 غير منسوب، والخصَائص 3/ 1 15، وأمالى ابن الشجري ا/ 193/2.
والشاهد إثبات الهمزة في كلمة الأناس مع الألف واللام وهو قليل.
3النص في الكشاف1/41 بتصرف يَسير.. والشقدف مركب مراكب العرب، وهو الحمار، أمّا الشقنداف فليس بعربي. ينظر القاموس ش. دف والمعجم الوسيط 1/ 488

الصفحة 381