كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

مُشْتَقٌ مِن العِلْم1، لأنَّ مَنْ نَظَرَ فِيهِ تَحَصَّلَ لَهُ الْعِلمُ بحُدُوثِهِ وافتقاره إلى موجده، والاشتقاق الأوّل أقرب.
وقد قيل: إنّ العالم إنما هو لأهل العلم من الملائِكةِ والثّقلَين: الجن والإنس، والقولُ الأوّل أشهر.
فإن قُلْتَ: فكيفَ جُمعَ بالوَاوِ والنّونِ وليسَ بِعَلمٍ في الأصل وَلا وَصْفٍ؟
قُلْتُ: هو وإنْ لم يَكُنْ وَصْفاً ففيه مَعنى الوصْفِ، ويمكن عندي أن يكون عالمٌ علماً، وتكون عَلَمِيَّتُةُ علميّة الجنس، ثمَّ نُكِّرَ ودَخَلَتْهُ الألف واللام عند الجمع والتثنية، كما قالوا: الزيدان، وجمع بالواو والنون وإن كان فيه مالا يعقل، غَلّبوا مَنْ يَعقلُ على مَنْ لا يعقلُ، وهذا على مَنْ جَعلَهُ اسماً لكلّ مُحدثِ ة وأَمَّا مَنْ جَعلُهُ مختصاً بأهل العلم فلا سؤال فيه.
وقد تقدّمَ أنَّ الأوَّلَ هُو المشهورُ، وهو الوقوعُ على كِّل مُحَدثٍ عاقلا كان أو غَيْرِ عاقل.
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) : قرأ عاصِمٌ والكسائي (مالِكِ يَوم الدّينِ) . 2فَيمكِنُ أنْ (مَلكِ) بمعنى مالِك، كما قالوا: حَذِرٌ بمعنى حاذِرٌ، ويكوَن مِن المِلْكِ بكسر الميم، ويكونُ قد أضيف إلى يوم الدّين بعد ما انتصب يومَ الدّين نَصْبَ المفعول به على جهة الاتّساع كما قال:
طبَّاخ سَاعاتِ الكَرَى زاد الكَسَلْ 3
__________
1على هذا يكون المقصود ذوى العلم من الملائكة والثقلين. ينظر المصادر السابقة.
2القراء هنا بألف بعد الميم على وزن فاعل، وقول ابن أبى الربيع: ويمكن أن يكوِن "مَلك، بمعنى مالك-. يريد أنه صيغة مبالغة ليسوغ معه نصب المفعول به. ينظر القراءة المذكورة وتوجيهاَ لها في السبعة في القراءات 4 5 1، والحجة لأبى على 1/ 7-5 1، والحجة لابن زنجله 77-79.
3البيت لجبارة بن جزء بن ضرار كما في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/ 12، ويشرح أبيات الإيضاح لابن برى 168، ونسبه سيبويه في الكتاب 177/1، والمبرد في الكامل للشيخ 1/ 199، وكذا نسب في ديوان الشك 109.

الصفحة 385