كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

لأنَّ الصفَةَ لِلْمَدْحِ والتّعظيم، وكذلِكَ (الرَّحمنُ الرَّحيم) قُرِىء في الشَّاذِّ بالرّفْع والنصب (1) 1على حَسْبما ذَكَرتُ لَك. وَكَذلِكَ (رَبِّ العالمين) قُرِىء في الشّاذِّ بالرّفع والنّصب، ولم يُقْرَأْ في السّبعِ إلا بالخفض.
وَقد قُرِئ (مَلَك يومَ الدّين) جَعَلَهُ فِعْلا 2. والمعنى في هذا كُلِّهِ مَلكَ الخلْقِ يومَ الدّين، وَمَلَك الأمْرَ يومَ الدّين لَكِنّهُ جَعَلَ الدّين هُو المملُوكً على جِهَةِ الاتِّساعِ.
وَقَدْ يمكنُ أن يكون معنى مَلِك يومَ الدّينِ ومَالِك يوم الدّينِ على مَعَنى أبَرزَهُ وَأَوْجده، والأوَلُ أبْيَنُ.
(إِيّاكَ نَعْبُدُ) : قال سِيْبَويهِ: إيّا هُوَ المُضْمَرُ المنْصُوبُ المنفَصِلُ، وما يَلْحقُهُ حُرُوفٌ تَجرِي مَجْرَى الكَافِ في رُويدَكَ ة إذ الضمير مُسْتَترٌ في جِميعِ الأحْوال، فجرى إيّاكَ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ ضمِيرَ منْصُوبِ مجْرى الضمير المسْتَتر في رُوْيدَكَ لَمَّا احْتِيَجَ إلى بَيَانِهِ بالكافِ وبِالكافِ يَقَعُ الفصلُ بًين المذَكِّر والمؤَنَّثِ والمفْرَدِ والمثنّى والجمْعِ، وكَذلِكَ إيَّا، لماَّ كانَتْ تقع لِلمُذكّرِ والمؤَنَّثِ والمفْرَدِ والمثنى والجمْعِ والغائِب والمتكلّم والمخاطَبِ إذا كان مَنْصُوباً قَرَنوا إيَّا بالكافِ والْهَاءِ والْيَاءِ ليزيل الإشْكًال 3، وفيها هُنا معنى الاختصاص، أَيْ لاَ أعْبُدُ غيرَكَ، كما حُكِىَ عنِ العَرَب:
إِيّاكِ أعني واسْمَعي يا جَارَه 4
والمعنى لا أعْنِي غيره.
والتّقْدِيْمُ يكونُ على هذا اْلمعَنى في المبتدأ، قال سُبْحانُهُ: (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ) 5 أيْ لا يُبْدِىءُ غَيْرهُ، ولا يُعيْدُ، أي هُوَ الّذي اخْتَصَّ بهذا.
__________
1ينظر المصادر السابقة، وإعراب القراءات الشاذة 1/ 34.
2 تعزى هذه القراءة لعلى بن أبى طالب، وأنا بن مالك، ويحيى بن يعمر.. ينظر المصادر السابقة.
3هذا توضيح لما أجمله سيبويه في الضمير إيا وليس الكلام هنا هو نص سيبويه كما يفهم من صنيع ابن أبى الربيع في هذا الإسناد، ينظر الكتاب 356/2-. 36.
4هذا توضيح لما أجمله سيبويه في الضمير إيا وليس الكلام هنا هو نص سيبويه كما يفهم من صنيع ابن أبى الربيع في هذا الإسناد، ينظر الكتاب 356/2-. 36.
5سورة البروز آية: 13.

الصفحة 388