كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه
في الموضع، فإذا زال الحرف من اللفظ ظهر عملُ الفعل فجاء "اهدنا الصراط "، والأصل إلى الصّراط، أوْ لِلصّرَاط بِمَنْزِلَةِ أمرتُ الرّجال عَمْراً، وأَمَرْتُ زيداً الخيْرَ.
(الصّرَاط) : هُوَ الطَّرِيْقُ، وُيذَكّرُ وُيؤَنَّثُ، إلا إن التَّذكِيرَ في الصِّراط أشْهَرُ 1، وَلَمْ يجئ في الْقْرآنِ إلا مُذَكّراً، وَهُوَ مِن سرَطْتُ الشيَّء أَسْرُطهُ إذا ابتَلَعْتُهُ لِأنّ الطّرِيق يَبْتَلعُ مَنْ يَسِيرُ فيه، ألا ترَى أنَّهُ قَدْ سُمّي اللَّقم كأنّهُ يَلْتَقِمُ، والسّينُ إذَا وَقِع بَعْدَها الطّاءُ والغَين والقافُ والْخَاءُ، هذه الأرْبَعَةُ خاصة فإنَّها يجوزُ فيها أن تُبْدَلَ صَاداَ؛ لأَنَّ السَّنَ غَيرَ مُطْبَق، والطَّاءَ مُطْبَقةٌ، والسّنَ مَهْمُوسَةٌ والطّاءَ مَجْهُورَةٌ فَلَمَّا تنافَرَتْ أَبْدَلُوا مِن السّينِ حَرْفاً يُوافِقُ السّينَ في الْهَمسِ وُيوافقُ الطّاء في الإِطْباق 2.
وَمِن العَرب مَنْ يُشْربُ الصّادَ صَوتَ الزّاي، ِلأنَّ الطّاءَ مَجْهُورةٌ والصَّادَ مَهْمُوسَة فاشْرَبوها صَوْت لزّاي لأَنَّ الزّايْ مجهورة، وَمنهُم مَنْ يُبْدِلُهَا زاياً خالِصَةً وَذَلِكَ قَليلٌ، وَذَكَرَ سِيَبَوْيهُ الوجْهَين اَلأوَّلَين، وَلم يذكُرْ إبدالها زاياً خالصةً لِقلّةِ ذلِكَ 3.
وَأَمَّا إذا وقَعَ بعد السّين الطّاءِ والضّادِ فَلا تُبْدَلُ صاداً، نصَّ ذلِكَ سيْبَويهُ، والفَرْقُ بينهُمَا بَيّنٌ في الكتاب.4
وَقَدْ قُرِىءَ السِّراطَ بالسِّين، قَرَأَهُ قُنْبُلُ وقَرَأَهُ يَعْقُوبُ 5 أيضاً.
وَقُرِىء بالصَّادِ مُشْرَبةً صَوْتَ الزَّاي، قَرأَهُ حمزة 6، وقُرِىءَ بالصّادِ خالِصَةً، قرأهُ الباقون.7
__________
1التأنيث لغة أهل الحجاز، والتذكير لغة تميم. ينظر إعراب القرآن للنحاس 123/1، والدر المصون 65/1
2ينظر كتاب السبعة في القراءات 107، والحجة لأبى على الفارسي 1/49-50.
3ينظر الكتاب 4/ 476-479.
4ينظر ما سبق في المصدر نفسه.
5ينظر: التذكرة في القراءات 1/ 85، والتيسير: 18، والتبصرة: 55، والكشف 46/1.
6ينظر كتاب السبعة 106، والتذكرة في القراءات 1/ 85، وبقية المصادر السابقة.
7 المصادر السابقة.
الصفحة 392
456