كتاب تفسير الكتاب العزيز وإعرابه

بالألف واللامِ إذا كان ذلِكَ على طريق الجنس، لأنَّ الجنسَ عامٌ، ولا يتعَينّ ما يقعُ عَليهِ فجرى لذلك مجرى النكرة في هذا.
وذهب الزّجاجُ إلى أنّ (غيرِ المغْضُوب) هم المنْعَمُ عَلَيْهِم. 1 فقد صار على هذا بهذه الملاحظة غير معرفة، أَلا ترى أنَّك إذا قلتَ: رأيتْ الصّالح غيرَ الطَّالح قد تَعَرَّفَ لأنَّه ماعدا الصّالحين، فَلأَجْلِ هذا وَقَعتْ غَيرُ صفةً للمعرفة بالألف واللام، لأِنَّ الثّاني ضِدَّ الأوّل فوقع بذلك التّعريفُ. وذَكَر هذا القولَ ابن عَطِيّة 2عن ابن السَّراجِ،3 وكان الأستاذ أبو علي يَردُّ هذا القولَ، ويقولُ: قَدْ جاء في كِتاب الله عَزَّ وجَلّ: (نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ) 4وبلا شَك أنَّ الثّاني ضدّ الأوّلَ، وَقد جرى على النّكِرة فكيف يقول: إنَّ هذا يُوجَدُ للتّعريف؟.
والصّحيحُ ما ذكرتُهُ أوّلاً أنّ تعريف الجنسِ لَيْسَ بالقَوِيّ ة لأنّهُ لَيْسَ بمقصودٍ قصْدَهُ. وَقَد يُعاقِبُ النّكرة فيما وُضِعَ 5 على معنى واحدٍ، ألا ترى أنَّك تَقْولُ: ما يَصْلُحُ بالرّجلِ مِثْلِكَ أَنْ يفعلَ هذا فيكون على معنى مَا يصلُحُ بالرّجلِ الّذي هو مِثلُكُ أنْ يَفْعَلَ هذا، ومعناهما واحد.
وهذا كُلُّهُ إنّما يحتاجُ إليه عند جعل (غير) نعتاً لـ"الّذين" فإنْ جعلتَهُ بدلاً فلا يحتاج إلى هذا، لأنّهُ يجوزُ بدلُ النّكرَة من المعرفة واَلمعرفة من النكرة..
أمَّا النّصبُ وهي قراءة شاذة لم تثبت في السّبعِ 6، والظاهر عندي فيها أنَّها استثناء
__________
1ينظر معاني القرآن وإعرابه 57/1.
2ينظر المحرر الوجيز 1/ 124.
3كلام ابن السراج في المسألة أورد أبو علي في الحجة 143/1 بشيء من البيان والتمثيل والتنظير.
4سورة فاطر آية: 37.
5في الأصل: في مواضع.
6قرأ بها ابن كثير كما في كتاب السبعة في القراءات 112، ومختصر شهاذ القراءات ا، وإعراب القراءات 36، وإعراب القراءات الشواذ ق 7.

الصفحة 395