كتاب التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ونماذج منه

وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} المائدة 19.
وقال تعالى منكرا على المؤمنين أو متعجبا من طمعهم في إيمان أهل الكتاب بقوله سبحانه: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ الله ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} البقرة 75.
ومن تحريفهم ما ورد في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} البقرة 104.
وقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً} النساء 46.
وكذلك جاءت الأحاديث بالإِخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلّموا إنما يقولون السام عليكم، والسام هو الموت، ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بوعليكم، وإنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا، والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا 1 انتهى.
إنهم يوهمون السامع أنهم يقولون حقا فإذا تمعنت فيما قالوا علمت فساد قولهم الناتج عن فساد قصدهم وخراب فهمهم.
ولقد حرفوا كلمة راعنا وجعلوها مشتقة من الرعونة أو من السخرية، كما حرفوا كلمة السلام إلى السام. ولذا غضبت عائشة رضي الله عنها لما سمعت منهم ذلك وشتمتهم ولعنتهم كما ثبت عنها ذلك في الصحيحين قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقالت: وعليكم السام واللعنة قالت: فقال رسوله الله صلى الله عليه وسلم: "مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله" فقالت:
__________
1 تفسير القرآن العظيم 1/ 259- هـ 26. ط دار الفكر.

الصفحة 82