كتاب التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ونماذج منه

: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقال لا والله ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، فقالوا: تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه. قال فأمر به فرجم قال فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} يقولون ائتوا محمدا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وهو قال في اليهود {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قال في الكفار كلها"1.
ومن افتراءاتهم الكاذبة وتأويلاتهم الباطلة تحريفهم لكتاب الله تعالى وينسبون ذلك الكلام المحرف إلى الله سبحانه تمويها للناس وتضليلا عليهم.
قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} آل عمران 78.
يقول ابن كثير: "يخبر الله تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله، أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه ويبدلون كلام الله ويزيلونه عن المراد به، ليوهموا الجهلة أنه في كتاب الله كذلك، وينسبونه إلى الله وهو كذب على الله، وهم يعلمون من أنفسهم أنهم قد كذبوا وافتروا في ذلك كله ولهذا قال الله تعالى: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 2 اهـ.
__________
1 رواه أحمد في المسند ومسلم في الحدود باب رجم اليهود 3/1327 رقم 28.
2 تفسير القرآن العظيم 2/26. ط دار الفكر.

الصفحة 85