كتاب التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ونماذج منه

رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن آصا، وبحر بن عمرو، وشاس بن عدي فكلموه. وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته.
فقالوا ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى. فأنزل الله فيهم {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ..} إلى آخر الآية1.
رابعا: ادعاؤهم أن النار لا تمسهم إلا أياما معدودة كذباً وزورا.
قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ. بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة 80، 81.
أخرج ابن إسحاق بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن اليهود كانوا يقولون هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب بكل ألف سنة يوماً في النار، وإنما هي سبعة أيام معدودة فأنزل الله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً} ، إلى قوله {خَالِدُونَ} 2.
ويقول ابن كثير: "يقول تعالى: (إخباراً عن اليهود فيما نقلوه وادعوه لأنفسهم من أنهم لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة ثم ينجون منها فرد الله عليهم ذلك بقوله: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً} أي بذلك؟ فإن كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده ولكن هذا ما جرى ولا كان، ولهذا أتى ب "أم " التي بمعنى. بل أي: بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والافتراء عليه3.
خامسا: ادعاؤهم وزعمهم أنهم أغنياء وأنهم ليسوا بحاجة إلى الله سبحانه بل الله جل شأنه بحاجة إليهم فوصموه سبحانه بالفقر، وافتروا عليه أنه أباح لهم الربا.
قال تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} آل عمران 181، 182.
__________
1 تفسير ابن كثير 2/.33. وهو عند ابن أبي حاتم وابن جرير
2 تفسير ابن كثير 1/206 ط دار الفكر.
3 تفسير ابن كثير 1/256 ط دار الفكر.

الصفحة 87