كتاب جزء فيه شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النصارى، وفيه حديث واصل الدمشقي ومناظرته لهم رضي الله عنه

قَالَ الشَّيخُ: فاحتاجَ عيسى إلى يحيى يمسحُ رَأسَهُ ويدعو له بالبركةِ؟! فاعبدوا يحيى، فيحيى خيرٌ لكم من عيسى إذن؟
فَسَكَتَ القسُّ؛ فاستلقى بَشِيرٌ على فِرَاشِهِ وأَدْخَلَ كُمَّهُ في فيهِ وجَعَلَ يَضْحَكُ؛ قَالَ لِلْقِسِّ: قُمْ أَخْزَاكَ الله، دَعَوْتُكَ لِتُنَصِّرَهُ فَإذا أَنْتَ قَد أَسْلَمْتَ!
قَالَ: ثُمَّ إِنَ أَمْرَ الشَّيْخِ بَلَغَ المَلِكَ؛ فَبَعَثَ إليهِ؛ فَقَالَ: ما هذا الذي قد بلغني عنكَ وعن تنقُّصِكَ ديننا وَوَقِيعَتِكَ؟
قَالَ الشَّيخُ: [إنَّ لي دِينًا كُنْتُ سُئِلْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا نصصت عنه سُئِلتُ عنهُ] (¬1)؛ فَلَمَّا لمْ أَجِدْ بُدًّا للذبِّ عَنْهُ ذَببتُ عنه.
قَالَ المَلكُ: فهل في يَدِكَ حُجَجٌ؟
قَالَ الشَّيخُ: نعم! ادْعُ إليَّ مَن شِئْتَ يُحاجِجْنُي؛ فإنْ كان الحق في يدي؛ فَلِمَ تَلومني (¬2) عَنِ الذَّبِّ عَنِ الحَق؟ وإن كانَ الحق في يديكَ، رَجَعْتُ إلى الحق.
فَدَعَا الملكُ بعظيمِ النصرانية؛ فلمَّا دخل عليه سَجَدَ لَهُ الملكُ ومَن عِنْدَهُ أَجْمَعُون.
قَالَ الشَّيخُ: أَيُّها الملك، مَنْ هذا؟
¬__________
(¬1) العبارة مضطربة هنا، وفي "تاريخ دمشق"، (65/ 288 - 289): (إنَّ لي دينًا كنتُ ساكتًا عنه، فلما سُئِلتُ عنه لم أجد بُدًّا من الذبِّ عنه). وكذلك العبارة في "مختصر تاريخ دمشق"، لابن منظور 26/ 249.
(¬2) كذا، وفي "تاريخ دمشق": تَلُمني؛ وهو الصواب.

الصفحة 34