كتاب جزء فيه شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النصارى، وفيه حديث واصل الدمشقي ومناظرته لهم رضي الله عنه

قَالَ القِسُّ: اذهبوا بهِ إلى الكنيسة العُظُمَى، فَإِنَّهُ لا يَدخُلها أحدٌ إِلَّا تنصَّرَ!
قَالَ الملكُ: اذهبوا به.
قَالَ الشَّيخُ: لماذا يُذْهبُ بي ولا حُجَّةَ عليَّ دُحِضَتْ؟
قَالَ الملكُ: لن يَضُرَّك، إنَّما هو بَيْتٌ مِن بُيُوتِ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ، تذكرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فيه.
قَالَ الشَّيخُ: إِنْ كانَ هكذا فلا بَأْسَ.
قَالَ: فذهبوا به؛ فلمَّا دَخَلَ الكنيسة، وَضَعَ أُصْبعيه في أُذُنَيْهِ ورَفَعَ صَوْتَهُ بالأذانِ؛ فجزعوا لذلك جزعًا شديدًا وضَرَبُوهُ ولَبَّبُوهُ (¬1) وجاؤوا بِهِ إلى المَلك؛ فقالوا (¬2): أَيُّهَا الملك! أَحَلَّ بِنَفْسِهِ القَتْلَ!
فَقَالَ لَهُ الملكُ: لم أَحْلَلْتَ بِنَفْسِكَ القَتْلَ؟
فَقَالَ: أَيُّهَا الملكُ، أينَ ذُهِبَ بي.
قَالَ ذَهَبُوا بكَ إلى بَيْتٍ مِن بُيُوتِ الله عَزَّ وَجَلَّ لِتَذْكُرَ فِيِهِ رَبكَ عَزَّ وَجَلَّ!
قَالَ: فَقَدْ دَخَلْتُ وذَكَرْتُ ربي بلساني وعَظَّمْتُه بقلبي، فإن كان كُلما ذُكِرَ اللَّهُ في كنائِسِكُمْ يَصْغُرُ دينكم؛ فزادَكُمُ اللَّهُ صَغارًا!
قَالَ المَلك: صَدَقَ، ولا سبيلَ لكم عليه.
¬__________
(¬1) بهامش الأصل: "التلبب: الخنق".
(¬2) هنا نقص وسقط في "تاريخ دمشق" أيضًا، يقوم من نسختنا هذه.

الصفحة 37