كتاب نشر ألوية التشريف بالإعلام والتعريف بمن له ولاية عمارة ما سقط من البيت الشريف

[ما يجب على الناظر على العمارة فعله]:
وليبالغ الناظر في اختيار المتقنين من المعلمين، وليسأل عن الأعرف الأتقى لله عَزَّ وَجَلَّ، الأحفظ لحدود الله، فيقدمه على غيره في بناء بيت الله تعالى. قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)} [التوبة: 18]، وكذا ينبغي لعَمَلة هؤلاء المعلمين.

[ندب أشراف الناس وسادتهم للعمل بأنفسهم في عمارة الكعبة الشريفة]:
وليباشر ذلك العلماء والسادة الشرفاء اقتداء بفعل المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، فإنه حمل الأحجار مع قريش في عمارة الكعبة لعمارتها (¬1)، وكان يحمل اللّبِنَ (¬2) في عمارة مسجده مع الصحابة رضي الله عنهم (¬3)، ويحمل التراب من الخندق (¬4).
ففيه ندبُ العملِ فيما فيه التقربُ إلى الله تعالى، والحث على ذلك، وأن لا يتوقف عن ذلك متوقف، ولا يقل المتكبر: هذا لا يليقُ بمرُوّتي أن أحمِل حَجَرًا أو أشِيلَ مِكْتَلًا (¬5)!، فصُدُورُ مثل ذلك إنما هو لجهله وعدم معرفته بمقام نفسه، والله الموفق.
* * *
¬__________
(¬1) صحيح البخاري كتاب الحج حديث (1582)، وسيرة ابن هشام: 1/ 228 مع الروض.
(¬2) اللبن: جمع لبنة، وهي وحدة البناء، وتكون عادة من الطين المخلوط بالقش.
(¬3) سيرة ابن هشام: 2/ 110.
(¬4) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق، حديث (4097).
(¬5) المكتل: قال في "المختار": المكتل شبه الزنبيل يسع خمس عشر صاعًا، انتهى.

الصفحة 75