كتاب الإعلام الملتزم بفضيلة زمزم

شعار المحبة وأحسن العهد للأحبة والشرب منها، ولذا جُعل التضلع منها علامة فارقة بين الإِيمان والنفاق، ولله در القائل: [من الطويل]
وما شُربي للماءِ (¬1) إلَّا تَذَكُّرًا ... لماءٍ به أهلُ الحبيبِ نُزُولُ
وروى الفاكهي (¬2) وغيره عن ابن عباس: صلُّوا في مُصلى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار، قيل: وما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب، قيل: فما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم (¬3).
وبالجملة فمعرفة أسمائها وفضلها والتضلع من مائها من جملة البرِّ بها والوفاء بحقها وحق أهلها، كما أشار لذلك الفقيه الزاهد يوسف بن محمَّد المعروف بابن الشيخ (¬4) رحمه الله تعالى، حيث
¬__________
(¬1) في "إرشاد الساري": وما شرقي بالماء.
(¬2) لم أجد هذا الأثر عند الفاكهي، وإنما هو عند الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 318، والمؤلف تابَعَ القسطلاني في "إرشاد الساري" 3/ 181 في نسبته للفاكهي، فلعلها سبق ذهن من القسطلاني، والله أعلم.
(¬3) إلى هنا انتهى النقل عن "إرشاد الساري".
(¬4) هو أبو الحجَّاج يوسف بن محمَّد البَلَوي الأْندلسي المالكي، الإِمام الأديب الفقيه الزاهد، قال ابن الأبَّار: بنى ببلده مالقة خمسة وعشرين مسجدًا من صميم ماله، وعمل فيها بيده، وحفر بيده آبارًا عدة أزيد من خمسين بئرًا، وغزا عدة غزوات مع المنصور بالمغرب ومع صلاح الدين بالشام، وكان يلبس الخشن من الثياب.
قال المنذري: سمع بمالقه من غير واحد، ورحل إلى الإِسكندرية فسمع من الحافظ أبي طاهر السِّلَفي وغيره. حدَّث، وكان أحد الزهَّاد المشهورين، ولم تَفُتْه غزوة في البر ولا في البحر، وتولى الخطابة بمالقة. =

الصفحة 28