كتاب شروط لا إله إلا الله

سَمَّاهُ بعض الْأَئِمَّة أصل الْإِيمَان كَمَا قَالَ ابْن حجر فِي شَرحه لقَوْل ابْن مَسْعُود: (الْيَقِين الْإِيمَان كُله) 1.
إِن مُرَاد ابْن مَسْعُود أَن الْيَقِين هُوَ أصل الْإِيمَان، فَإِذا أَيقَن الْقلب - كَمَا يَنْبَغِي - انبعثت الْجَوَارِح كلهَا للقاء الله بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَات. حَتَّى قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: "لَو أَن الْيَقِين وَقع فِي الْقلب - كَمَا يَنْبَغِي - لطار اشتياقاً إِلَى الْجنَّة وهرباً من النَّار" 2.
إِذا عرفنَا مَا ذكر اتَّضَح أهمية الْيَقِين بِالشَّهَادَةِ وَأَنه فضلا عَن كَونه شرطا لتحققها وفارقاً بَين الْمُؤمن وَالْمُنَافِق وشرطاً للمغفرة وَدخُول الْجنَّة.
أَنه أصل الْإِيمَان - كَمَا قَالَ ابْن حجر.
أما القَوْل بِأَن التَّلَفُّظ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِدُونِ استيقان الْقلب كافٍ فِي الإِيمان فَهُوَ مَذْهَب غلاة المرجئة - والآيات وَالْأَحَادِيث الآنف ذكرهَا كلهَا تدل على فَسَاده بل هُوَ مَذْهَب مَعْلُوم الْفساد من الشَّرِيعَة لمن وقف عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ تسويق النِّفَاق وَالْحكم لِلْمُنَافِقِ بِالْإِيمَان الصَّحِيح وَهُوَ بَاطِل قطعا 3. وَالله أعلم.
__________
1 - هَذَا طرف من أثر وَصله الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح. وبقيته (وَالصَّبْر نصف الْإِيمَان) وَقد تعلق بِهَذَا الْأَثر من قَالَ: إِن الْإِيمَان مُجَرّد التَّصْدِيق. وَأجِيب بِأَن مُرَاد ابْن مَسْعُود أَن الْيَقِين أصل الْإِيمَان. انْظُر: فتح الْبَارِي ج1 ص 48.
2 - فتح الْبَارِي ج1ص 48.
3 - انْظُر. الْمُفْهم شرح صَحِيح مُسلم ج1 ص 160.
والمعلم بفوائد مُسلم للْإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الْمَازرِيّ ج1 ص 194.
الشَّرْط الثَّالِث: الْإِخْلَاص.
الْإِخْلَاص: لُغَة: مصدر أخْلص يخلص. وَهُوَ يرد لمعانٍ. مِنْهَا: تنقية الشَّيْء وتهذيبه. تَقول: أخلصت السّمن: أَي جعلته خَالِصا. وأخلص لله دينه: أمحضه وَترك الرِّيَاء فِيهِ. فَهُوَ عبد مخلص. وأخلص الشَّيْء: اخْتَارَهُ.

الصفحة 426