كتاب التمسك بالسنن والتحذير من البدع

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يَنْهَ عن كل أمر ابتدأه مبتدئ، وأحدثه محدث.
كمن1 مَرّ إلى فَسَقَةٍ، أو كُفَّارٍ فدعاهم، ووعظهم، بل هو المَعْنِيُّ بقوله عليه السلام: "من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من اتَّبعه"2 الحديث.، وبقوله: "من سَنَّ سُنَّة حسنة"3. وقال تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} 4.
وليس المراد بقوله: "من سَنَّ سُنَّة" أنه يبتدع عبادة أو قولاً لم يأذن الله به.
__________
1 الأصل: (كم) والسياق يقتضي ما أثبت.
2 م: كتاب العلم، باب: من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة 4/ 2060 ح 674، من حديث أبي هريرة رصي الله عنه، وتمامه: ".. لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".
3 تقدّم، انظر: ص (99) .
4 سورة البقرة، آية: 148.
باب تقسيم السنة إلى حسنة وسيئة من حيث اللغة
...
[السنة الحسنة والسنة السيئة]
ومن السُّنة الحسنة؛ ما فعله عمر بن عبد العزيز5 من رد المظالم، وأخذه من الأمراء أموالا6.
ومن السُّنَّةِ السَّيِّئَةِ؛ ما فعله الحجَّاجُ7 من أَيمان البيعة، وجرأته على الدِّمَاءِ بمُجَرِّدِ شبهة، فإنه أحدث أموراً قبيحة.
__________
5 الخليفة الأموي المشهور بالعدل والسيرة المرضية، ولد سنة 61هـ، وتولى الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك، سنة 99هـ، وتوفي مأسوفا عليه سنة 102هـ بدير سمعان. انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 9/192-200-227.
6 أي وردها إلى بيت مال المسلمين. انظر المصدر السابق: 9/208-216.
7 هو: الحجاج بن يوسف الثقفي (39، 40، 41 - 95) أحد عمال وولاة بني أمية، قال عنه الإمام الذهبيِ: "كان ظلوماً جبارا ناصبياً خبيثاً، سفاكاً للدماء. . وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه، وأمره إلى الله". سير أعلام النبلاء 4/343.
وانظر أيضا: ابن كثير: البداية والنهاية 9/139، وابن نباتة: سرح العيون 170-186.

الصفحة 106