كتاب التمسك بالسنن والتحذير من البدع

[ما ينبغي للعالم فعله تجاه النوازل من المسائل]
فعلى العالِمِ أن يُفَتِّشَ على المسألة النازلة في كتاب الله، فإن لم يجد فَتَّشَ السًّنَن، فإن لم يجد نَظَرَ في إجماع الأمَّةِ. وهذا هو المجتهد المطلق، وأَنَّى يُوجدَ ذلك.
[الاستدلال بتركه، أو إقراره مع علمه صلى الله عليه وسلم]
ومن الدّليل على مسائل عِدَّة: تركُهُ، أو إقرَاره مع علمه عليه السلام بالمسألة كما يُسْتَدل بتركه الزكاة في الخضروات التي بالمدينة على عدم الوجوب1، وبتركه نَْهيَه للحَبَشَة عن الزَّفْن2 في المسجد على الرُّخْصةِ3، وبترك التأذين في العيد والكسوف، والاستسقاء على عدم الاستحباب4، وأنه ليس بدين فما أمسك عن فعله، أو5 الأمر به والنَّدْب, مع قيام المقتضي دَلَّ على أنه ليس بَحَسَن ولا بِرٍّ.
__________
1 وقد استدل بذلك الإمام أحمد رحمه الله وغيره من فقهاء الحديث، فلم يوجبوا في الخضروات زكاة، لما في الترك من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه. راجع: المغني: 4/158.
والحديث الذي رواه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الخضروات 3/30 ح 638: أن معاذ رضي الله عنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضروات فقال: "ليس فيها شيء" قال عنه الترمذي: "ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.. والعمل على هذا عند أهل العلم أن ليس في الخضروات صدقة" استدلالاً بتركه صلى الله عليه وسلم الزكاة فيها.
2 في الأصل (الدفن) وهو تصحيف، والزفْنُ: اللعب والدفع والرقص. انظر: ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث: 2/305.
3 انظر: م: كتاب العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد: 2/609 ح 18-21.
4 انظر: خ: كتاب العيدين، باب المشي والركوب إلى العيدين بغير أذان ولا إقامة: 2/451 ح959-960.
م: كتاب العيدين، 2/604 ح886-887.
5 في الأصل (إذ) وهو تصحيف.

الصفحة 118