كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي

قبُول التَّوْبَة قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 1.
وَمن رَحمته تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة كَذَلِك أَن شرع لَهُم عبَادَة من أفضل الْعِبَادَات، يتوسل بهَا العَبْد المذنب إِلَى ربه 2، رَجَاء قبُول تَوْبَته، وَهِي "صَلَاة التَّوْبَة "3 4.
ونظراً إِلَى أَن هَذِه الْعِبَادَة الْعَظِيمَة وَالسّنة الثَّابِتَة قد هجرها أَكثر الْمُسلمين، حَتَّى كَادَت تندثر بَينهم، وَرُبمَا استعاضوا عَنْهَا بِأُمُور لم ترد فِي الشَّرْع، ونظراً إِلَى أَن مسَائِل هَذِه الْمَوْضُوع لم تنتظم فِي رِسَالَة مُسْتَقلَّة، أَحْبَبْت أَن أجمع هَذِه الْمسَائِل فِي بحث مُسْتَقل.
وَقد اشْتَمَل هَذَا الْبَحْث على أَرْبَعَة مبَاحث، وخاتمة:
المبحث الأول: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة وسببها:
وَفِيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَة الأولى: مشروعيتها.
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: سَببهَا.
المبحث الثَّانِي: وَقت صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الثَّالِث: مَحل صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الرَّابِع: صفة صَلَاة التَّوْبَة.
أما الخاتمة فتشتمل على خُلَاصَة مَا انْتهى إِلَيْهِ هَذَا الْبَحْث.
وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
__________
1 سُورَة الْبَقَرَة: 54. وَينظر تَفْسِير ابْن كثير 1/130-132، وأضواء الْبَيَان 1/327.
2 ينظر شرح الطَّيِّبِيّ لمشكاة المصابيح 3/180.
3 قَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن قَاسم فِي الإحكام 1/321 عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر الصّديق فِي صَلَاة التَّوْبَة، قَالَ: "وَفِيه اسْتِيفَاء وُجُوه الطَّاعَة فِي التَّوْبَة، لِأَنَّهُ نَدم، فَتطهر، ثمَّ صلى، تمّ اسْتغْفر، وَإِذا أَتَى بذلك على أكمل الْوُجُوه غفر الله لَهُ بوعده الصَّادِق". وَسَيَأْتِي تَخْرِيج حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَرِيبا.

الصفحة 158