كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي

المبحث الثَّانِي
وَقت صَلَاة التَّوْبَة
يسْتَحبّ أَدَاء هَذِه الصَّلَاة عِنْد عزم الْمُسلم على التَّوْبَة من الذَّنب الَّذِي اقترفه، سَوَاء كَانَت هَذِه التَّوْبَة بعد فعله للمعصية مُبَاشرَة، أَو مُتَأَخِّرَة عَنهُ، فَالْوَاجِب على المذنب الْمُبَادرَة إِلَى التَّوْبَة - كَمَا سبق بَيَانه قَرِيبا- لَكِن إِن سوّف وأخّرها قبلت، لِأَن التَّوْبَة تقبل مَا لم يحدث أحد الْمَوَانِع الْآتِيَة:
1- إِذا وَقع الإِياس من الْحَيَاة، وَحضر الْمَوْت، وَبَلغت الرّوح الْحُلْقُوم. قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} 1.
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر" 2.
__________
1 سُورَة النِّسَاء. (18) .
2 رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده (9/17، 18، حَدِيث 6160 , و9/161 ط حَدِيث 6408 تَحْقِيق شَاكر) ، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات بَاب فِي فضل التَّوْبَة والاسْتِغْفَار 5/546، حَدِيث (3537) ، وَابْن مَاجَه فِي الزّهْد بَاب ذكر التَّوْبَة 2/1420، حَدِيث (4253) ، وَابْن حبَان (موارد الظمآن ص 607، حَدِيث 2449) ، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب التَّوْبَة والإنابة 4/257، وَصَححهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ، وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده 9/462، حَدِيث (5609) ، وَالْبَغوِيّ فِي شرح السّنة فِي بَاب التَّوْبَة 5/90، 91، حَدِيث (1306) من طرق عَن ابْن ثَوْبَان عَن أَبِيه عَن مَكْحُول عَن جُبَير بن نفير عَن ابْن عمر بِهِ. وَرِجَاله ثِقَات، عدا ابْن ثَوْبَان - واسْمه عبد الرَّحْمَن - فَهُوَ صَدُوق يُخطئ، وَتغَير بِأخرَة كَمَا فِي التَّقْرِيب. وَوَقع فِي سنَن ابْن مَاجَه " عبد الله بن عَمْرو" وَهُوَ وهم كَمَا قَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 2/206. وَقد صحّح هَذِه الرِّوَايَة أَو حسنها أَحْمد شَاكر فِي تَعْلِيقه على الْمسند، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين فِي صَحِيح الْجَامِع 1/386، وَشُعَيْب الأرنؤوط فِي تَعْلِيقه على شرح السّنة، وحسين أَسد فِي تَعْلِيقه على مُسْند أبي يعلى.
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد 3/425، و5/362 (طبع الْمكتب الإسلامي) وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي سنَنه 3/1201، 1202، حَدِيث (597) . وَالْحَاكِم فِي الْموضع السَّابِق من طرق عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَإِسْنَاده ضَعِيف، ابْن الْبَيْلَمَانِي ضعفه غير وَاحِد، وَلم يوثقه سوى ابْن حبَان فِي الثِّقَات. ينظر الثِّقَات 5/91، تَهْذِيب التَّهْذِيب 6/150.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه - كَمَا فِي تَفْسِير ابْن كثير 2/207- من طَرِيق عُثْمَان عَن الْهَيْثَم حَدثنَا عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ وَإِسْنَاده ضَعِيف، عُثْمَان بن الْهَيْثَم تغير بِأخرَة، فَكَانَ يَتَلَقَّن. ينظر الْجرْح وَالتَّعْدِيل 3/172.
وَرَوَاهُ ابْن جرير فِي تَفْسِيره 8/96، رقم (8859) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ مُرْسلا. وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره: 2 /207: "مُرْسل حسن ".
وَرَوَاهُ ابْن جرير فِي الْموضع السَّابِق، رقم (8857) من طَرِيق الْعَلَاء بِهِ زِيَاد عَن بشير بن كَعْب مُرْسلا.
وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن جرير فِي الْموضع السَّابِق، رقم (8858) من طَرِيق قَتَادَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت. وَإِسْنَاده مُنْقَطع، قَتَادَة لم يدْرك عبَادَة بن الصَّامِت.
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده (تَحْقِيق شَاكر 11/133، 134، حَدِيث 6920) ، وَالطَّيَالِسِي فِي مُسْنده ص 301، حَدِيث (2284) ، وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير 1/427، والطبري فِي تَفْسِيره 8/99، 100، حَدِيث (8863) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون قَالَ: سَمِعت رجلا من بني الْحَارِث قَالَ: سَمِعت رجلا منا يُقَال لَهُ أَيُّوب قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو فَذكره. وَإِسْنَاده ضَعِيف. لَا يهام شيخ إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون. وَقد سقط بعض السَّنَد من مُسْند الطَّيَالِسِيّ المطبوع. وَقد أوردهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 2/206 نقلا عَن الطَّيَالِسِيّ، فَذكر السَّنَد كَامِلا، غير أَنه قَالَ: "عبد الله بن عمر" بدل "عبد الله بن عَمْرو".
وَفِي الْجُمْلَة فَإِن هَذَا الحَدِيث صَحِيح بِمَجْمُوع هَذِه الطّرق، الطَّرِيق الأولى ضعفها لَيْسَ قَوِيا، فتتقوى بالطرق الْأُخْرَى.

الصفحة 165