كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي

وَهَذَا القَوْل فِيهِ نظر، فَأصل مَشْرُوعِيَّة الاسْتِغْفَار، وَذكر الله تَعَالَى وَالَّذِي يَشْمَل التَّسْبِيح والتحميد ثَابت فِي هَذَا الْموضع بقوله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} 1، وَإِن كَانَ قد اخْتلف فِي المُرَاد بقوله تَعَالَى فِي هَذِه الْآيَة {ذَكَرُوا اللَّهَ} ، فَقيل: المُرَاد ذكرُوا وَعِيد الله على مَا فعلوا من معصيتهم إِيَّاه، وتذكروا عِقَابه، وَقيل: المُرَاد ذكرُوا الله بِاللِّسَانِ2، وَقيل: المُرَاد: الصَّلَاة3.
وَقد يُقَال: إِن لفظ الْآيَة يعم هَذِه الْأُمُور كلهَا 4.
وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة يدل على مشروعيتها فِي هَذَا الْموضع عُمُوم قَول الله
__________
1 سُورَة آل عمرَان: 135.
2 تَفْسِير ابْن أبىِ حَاتِم 2/552، 553، تَفْسِير الطَّبَرِيّ 7/217، 222، 223، زَاد الْمسير /463، 464، تَفْسِير الْبَغَوِيّ 1/353، تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ 4/210، فتح الْقَدِير للشوكاني1/381.
3 قَالَ الطَّيِّبِيّ فِي شرح الْمشكاة 3/180: أَقُول: {وذَكَرُوا اللَّهَ} يجب أَن يحمل على الصَّلَاة.كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّه} ليطابق لفظ الحَدِيث، وَهُوَ قَوْله: " ثمَّ يُصَلِّي ثمَّ يسْتَغْفر الله".أ. هـ.
4 ذكر بعض الْعلمَاء أَن المُرَاد أَن النَّص القرآني إِذا جَاءَ بِلَفْظ عَام يحمل على جَمِيع مَا يَشْمَلهُ هَذَا اللَّفْظ من الْمعَانِي، وَقد سَمِعت شَيخنَا مُحَمَّد بن صَالح بن عثيمين يُقرر هَذِه الْقَاعِدَة فِي مَجْلِسه أَو أَكثر من مجالسه العلمية الْمُبَارَكَة. وَينظر مُقَدّمَة التَّفْسِير لِابْنِ تيميه ص 49، 50، أضواء الْبَيَان 3/124، التَّحْرِير والتنوير 1/93 – 100، الإكسير فِي قَوَاعِد علم التَّفْسِير للطوفي ص 13، مُقَدّمَة جَامع التفاسير للراغب ص 98، وَقَالَ الملا عَليّ الْقَارِي فِي الْمرقاة 2/187، 188: " أَي ذكرُوا عِقَابه. قَالَ الطَّيِّبِيّ: أَو وعيده. وَظَاهر الحَدِيث أَن مَعْنَاهُ: صلوا. لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ، لَا بِخُصُوص السَّبَب، فَالْمَعْنى ذكر الله بِنَوْع من أَنْوَاع الذّكر، من ذكر الْعقَاب ... أَو تَعْظِيم رب الأرباب، أَو بالتسبيح، والتهليل أَو قِرَاءَة الْقُرْآن أَو بِالصَّلَاةِ الَّتِي تجمعها ".

الصفحة 173