كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي

تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} 1.
وَثَبت عَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لما تَابَ الله عَلَيْهِ: "يَا رَسُول الله إنّ من تَوْبَتِي أَن أَنْخَلِع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله، قَالَ رَسُول الله: " أمسك عَلَيْك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك "، قَالَ: فَإِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر". مُتَّفق عَلَيْهِ2.
وَثَبت عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "من حلف، فَقَالَ فِي حلفه: "وَاللات والعزّى" فَلْيقل: "لَا إِلَه إِلَّا الله "، وَمن قَالَ لصَاحبه: "تعال أقامرك"3 فليتصدق " مُتَّفق عَلَيْهِ4. وَفِي رِوَايَة لمُسلم: "فليتصدق بِشَيْء" 5.
__________
1 سُورَة الْبَقَرَة: 271.
2 صَحِيح البُخَارِيّ مَعَ الْفَتْح كتاب الْوَصَايَا بَاب إِذا تصدق أَو وقف بعض رَقِيقه أَو دوابه فَهُوَ جَائِز 5/386، حَدِيث (2757) ، وَكتاب الْمَغَازِي بَاب حَدِيث كَعْب ابْن مَالك 8/11-116، حَدِيث (4418) ، وَكتاب التَّفْسِير بَاب {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} 8/341، 342، حَدِيث (4676) ، وصحيح مُسلم مَعَ شَرحه للنووي كتاب التَّوْبَة:17/96، 97.
3 قَالَ شمس الدّين البعلي فِي المطلع على أَبْوَاب الْمقنع ص 256، 257 "الْقمَار مصدر قامر إِذا لعب مَعَه على مَال يَأْخُذهُ الْغَالِب من المغلوب، كَائِنا مَا كَانَ، إِلَّا مَا اسْتثْنِي فِي بَاب السَّبق، يُقَال: قمره يقمره ويقمره، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا، عَن صَاحب الْمُحِيط وأقمره، عَن ابْن القطاع وَغَيره".
4 فتح الْبَارِي كتاب التَّفْسِير بَاب: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزَّى} 8/611، حَدِيث (4860) وَكتاب الاسْتِئْذَان بَاب كل لَهو بَاطِل إِذا شغل عَن طَاعَة الله 11/91، حَدِيث (6301) ، وَكتاب الْأَدَب بَاب من لم ير إكفار من قَالَ ذَلِك متأولاً أَو جَاهِلا 10/516، وَكتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور بَاب لَا يحلف بِاللات والعزى وَلَا بالطواغييت 11/536، حَدِيث (6650) .
وصحيح مُسلم كتاب الْأَيْمَان بَاب من حلف بِاللات والعزى فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله 2/1267، حَدِيث (1647) .
5 صَحِيح مُسلم الْموضع السَّابِق 2/1268. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم 11/107: "قَالَ الْعلمَاء: "أَمر بِالصَّدَقَةِ تكفيراً لخطيئته فِي كَلَامه بِهَذِهِ الْمعْصِيَة". قَالَ الْخطابِيّ: "مَعْنَاهُ فليتصدق بِقدر مَا أَمر أَن يقامر بِهِ". وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث أَنه لَا يخْتَص بذلك الْمِقْدَار، بل يتَصَدَّق بِمَا تيَسّر، مِمَّا ينطبق عَلَيْهِ اسْم الصَّدَقَة، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة معمر الَّتِي ذكرهَا مُسلم: "فليتصدق بِشَيْء" أ. هـ.

الصفحة 174