كتاب صلاة التوبة والأحكام المتعلقة بها في الفقه الإسلامي

الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} 1 يدل على أَن فعل الْأَعْمَال الصَّالِحَة بعد السَّيئَة يكفرهَا 2.
لَكِن تَقْيِيد التَّسْبِيح والتحميد وَالصِّيَام بِهَذِهِ الْأَعْدَاد لَا دَلِيل عَلَيْهِ، وَهُوَ من الْبدع الْمُحرمَة، لما ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد" 3. وَفِي رِوَايَة لمُسلم: "من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد " 4، وَلما ثَبت فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب احْمَرَّتْ عَيناهُ وَعلا صَوته وَاشْتَدَّ غَضَبه حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش يَقُول: صبّحكم ومسّاكم، وَيَقُول: "بعثت أَنا والساعة كهاتين" ويقرن بَين إصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى، وَيَقُول:" أما بعد فَإِن خير الحَدِيث كتاب الله، وَخير الْهَدْي
__________
1 سُورَة هود 114.
2 وَيدل على ذَلِك أَيْضا مَا رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه 1/209، حَدِيث (233) عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: "الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة ورمضان إِلَى رَمَضَان مكفّرات مَا بَينهُنَّ إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر".
وَفِي الْبَاب أَحَادِيث أُخْرَى يطول الْكَلَام بذكرها، تنظر فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ 15/511 – 526، جَامع الْأُصُول 9/388 – 395، تَفْسِير ابْن كثير 4/285، 289، تَخْرِيج الْأَحَادِيث الْوَاقِعَة فِي تَفْسِير الْكَشَّاف 2/152 – 154، الْكَافِي الشافي ص 87، 88.
وَقَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح 12/134 بعد ذكره القَوْل بِأَن الَّذِي تكفره الصَّلَاة من الذُّنُوب الصَّغَائِر لَا الْكَبَائِر، قَالَ: " هَذَا هُوَ الْأَكْثَر الْأَغْلَب، وَقد تكفر الصَّلَاة بعض الْكَبَائِر، كمن كثر تطوعه مثلا، بِحَيْثُ صلح لِأَن يكفر عددا كثيرا من الصَّغَائِر، وَلم يكن عَلَيْهِ من الصَّغَائِر شَيْء أصلا أَو شَيْء يسير، وَعَلِيهِ كَبِيرَة وَاحِدَة، فَإِنَّهَا تكفر عَنهُ، لِأَن الله لَا يضيع أجر من أحسن عملا ".
3 صَحِيح البُخَارِيّ مَعَ الْفَتْح كتاب الصُّلْح بَاب إِذا اصْطَلحُوا على صلح جور فَالصُّلْح مَرْدُود 5/301، حَدِيث (2697) .
وصحيح مُسلم مَعَ شَرحه للنووي كتاب الْأَقْضِيَة بَاب نقض الْأَحْكَام الْبَاطِلَة 12/16.
4 صَحِيح مُسلم الْموضع السَّابِق.

الصفحة 177