كتاب البدهيات في القرآن الكريم

* القسم الأول: الجمع بين الشيء ولازمه:
ومثاله قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ} 1.
فمن المعلوم أنَّ قتل النبيين لا يكون بحق مطلقا لمن لازم يقتلون النبيين أن يكون بغير الحق، إذ لا يجوز أن يُقتل نبي بحقٍ أبدا 2.
فقيل: معناه بغير الحق في اعتقادهم، ولأن التصريح بصفة فعلهم القبيح أبلغ في ذمهم، وإن كانت تلك الصفة لازمة للفعل كما في عكسه كقوله: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَق} 3 لزيادة معنى التصريح بالصفة، كذا قال الرازي في مسائله4, وقال بنحوه الزمخشري5, وأبو حيان6, والآلوسي7 وابن عاشور8, وعلى هذا فاللام عندهم في (الحق) للعهد.
وقيل إنها للجنس والمراد بغير حق أصلا لأن لام الجنس المبهم كالنكرة, ويؤيده ما في آل عمران {بِغَيْرِ حَق} (الآية21) , فيفيد أنه لم يكن حقا باعتقادهم أيضا, قال بهذا الآلوسي, وقال: "إنه الأظهر"9. وقيل: قوله {بِغَيْرِ حَق} تأكيد؛ لأن قتل النبيين لا يكون إلا بغير حق، فهو كقوله: {الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} 10, {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه} 11. وأمثاله 12.
__________
1 سورة البقرة: الآية 61.
2 تفسير البسيط: الواحدي، ج3 ص977.
3 سورة الأنبياء: الآية 112.
4 مسائل الرازي وأجوبتها: محمد أبي بكر الرازي ص6.
5 الكشاف: ج1 ص 72.
6 البحر المحيط: ج1 ص237.
7 روح المعاني: الآلوسي، ج1 ص276.
8 التحرير والتنوير: محمد الطاهر بن عاشور، ج1 ص508.
9 روح المعاني: الآلوسي، ج1 ص 276.
10 سورة الحج: آية 46.
11 سورة الأنعام: الآية 38.
12 تفسير البسيط: الواحدي، ج3 ص 977.

الصفحة 43