كتاب فتح المتعال على القصيدة المسماة بلامية الأفعال
فِي التَّذْكِرَة1: "وَعِنْده التَّصْحِيح لَيْسَ يُمكن فِي عصرنا2، وَقَالَ يحيى يُمكن3" وَالضَّمِير عِنْده لِابْنِ الصّلاح، وَالْمرَاد بـ (يحيى) الإِمام النَّوَوِيّ4 رَحمَه الله.
وَالْمعْنَى نَاقص وَقَلِيل الْبركَة فَهُوَ وَإِن تمّ حسّاً لَا يتمّ معنى.
ثمَّ إِنَّه يَنْبَغِي لكل شَارِع فِي فن أَن يتَكَلَّم على الْبَسْمَلَة بِمَا يُنَاسِبهَا من الْفَنّ الْمَشْرُوع فِيهِ، ثمَّ إِن محلّ التكلُّم عَلَيْهَا إِذا كَانَت من مَوْضُوعه، فَإِن لم تكن مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي أَن يتَكَلَّم عَلَيْهَا، وحينئذٍ فلابدّ من تَقْدِيم مقدّمة مُشْتَمِلَة على المبادئ الَّتِي من جُمْلَتهَا الْمَوْضُوع ليُعلم هَل الْبَسْمَلَة مِنْهُ فَيُتَكَلَّمُ عَلَيْهَا أَولا، ومبادئ كل فنّ عشرَة جمعهَا بَعضهم بقوله [2/ ب] :
إنّ مبادي كل فنِّ عشرَة ... الحدّ والموضوع ثمَّ الثَّمَرَة
وفضله وَنسبَة والواضع ... وَالِاسْم الاستمداد حكم الشَّارِع
مسَائِل وَالْبَعْض بِالْبَعْضِ اكْتفى ... وَمن درى الْجَمِيع حَاز الشرفا
فالتصريف لُغَة: مُطلق التَّغْيِير5، وَمِنْه تصريف الرِّيَاح، أَي تغييرها، وَتَقَلُّبهَا.
__________
1 - التَّذْكِرَة كتاب للعراقي مطبوع.
2 - الضَّمِير يعود للعراقي، وَالْمعْنَى أَن ابْن الصّلاح لَا يرى التَّصْحِيح فِي زَمَانه هُوَ والأزمنة الَّتِي تليه.
3 - وَبِنَاء على رَأْي النَّوَوِيّ يجوز التَّصْحِيح والتضعيف فِي زمن الْعِرَاقِيّ والأزمنة الَّتِي تليه.
4 - الإِمَام النَّوَوِيّ هُوَ: أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن شرف بن مري الْحزَامِي مُحدث فَقِيه لَهُ شرح على صَحِيح مُسلم ولد عَام 631، وَتوفى عَام 676.
تنظر تَرْجَمته فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة للسبكي: 8/395، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة: 13/278، وَلم يترجم لَهُ الذَّهَبِيّ فِي السّير وَإِنَّمَا ترْجم لَهُ فِي تذكرة الْحفاظ.
5 - وَهُنَاكَ معانٍ لغوية أُخْرَى لكلمة الصّرْف مِنْهَا: التَّحْوِيل، والتصيير، ورد الشَّيْء عَن وَجهه وَهِي معانٍ قريبَة من بَعْضهَا. ينظر اللِّسَان (صرف) 9/ 189.
الصفحة 169