كتاب فتح المتعال على القصيدة المسماة بلامية الأفعال

فَهَذِهِ الْأَمْثِلَة وَنَحْوهَا مِمَّا عينه أَو لامه حرف حلق مَفْتُوحَة الْعين فِي الْمُضَارع؛ وَذَلِكَ مَشْرُوط بِشُرُوط أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله:
(إِن لم يُضَاعف وَلم يشهر بكسرةٍ أَو ... ضم كيبغي وَمَا صرّفت من دخلا)
أَي إِنَّمَا يفتح قِيَاسا عين الْمُضَارع من فعل المفتوح الحلقي بِثَلَاثَة شُرُوط:
الأول: ألاّ يكون مضاعفاً، فَإِن كَانَ مضاعفاً فَهُوَ على قِيَاسه السَّابِق [23/ أ] من كسر لَازمه، وَضم معدّاه فاللازم نَحْو صحَّ جِسْمه يصِحُّ، والمعدّى نَحْو دَعَّه يَدُعُّه.
الثَّانِي: ألاّ يشْتَهر فِيهِ الْكسر نَحْو (بغَى يَبْغِي) ، و (نَعَى يَنْعِي) 1، و (نَضَحَه بِالْمَاءِ يَنْضحُه) 2 رشّه، و (شَخَرَ بِالْمُعْجَمَةِ يَشْخرُ) شخيراً صوّت من
__________
1 - أورد المُصَنّف هَذَا الْفِعْل على أَنه مِمَّا اشْتهر بِكَسْر عين مضارعه، والمعجميون يخالفون ذَلِك فقد أوردوه على أَنه من بَاب سعى قَالَ فِي الْمُحكم: 2/184 "النعي الدُّعَاء بِمَوْت الميّت والإِشعار بِهِ نعاه ينعاه نعياً ونُعياناً"، وَقَالَ فِي تَاج الْعَرُوس: 20/254 "نعاه لَهُ نعياً ونعيّاً على فعيل ونُعياناً بِالضَّمِّ ظَاهر هَذَا السِّيَاق كَمَا للجوهري أَنه من حدّ نصر على مَا يَقْتَضِيهِ اصْطِلَاحه عِنْد عدم ذكر الْمُضَارع، وَالصَّوَاب أَنه من حدّ سعى فَفِي الْمُحكم نعاه ينعاه نعياً ونُعياناً أخبرهُ بِمَوْتِهِ"، وَلم يذكر هَذَا الْفِعْل اللبلي فِي بغية الآمال، وَأورد ابْن القطاع والسرقسطي الْمَاضِي مِنْهُ دون الْمُضَارع، وَمن الشواهد على أَنه من بَاب سعى قَول جرير:
يَنْعَى النُّعَاةُ أَميْر المُؤْمِنِين لَنَا ... يَا خير منْ حَجَّ بيتِ الله وَاعْتمَرا
2 - الْفِعْل نضح نصّ، المعجميون على أَنه من، بَاب ضرب وَمنع قَالَ فِي الْمِصْبَاح الْمُنِير: 233 "نضحت الثَّوْب نضحاً من بَاب ضرب ونفع وَهُوَ البلّ بِالْمَاءِ والرشّ" وَقَالَ فِي الْقَامُوس نضح: 313 "نضح الْبَيْت ينضحه رشّه… والقربه تنضّح رشحت" فَكَأَنَّهُ قرّق بَين الْفِعْلَيْنِ النَّضْح بِمَعْنى الرش جعله مكسوراً فِي الْمُضَارع، وَبِمَعْنى الرشح جعله مَفْتُوحًا فِي الْمُضَارع، وتعقّب الزبيدِيّ الفيروز أبادي فَقَالَ: 4/233 "قَالَ شَيخنَا: قَضِيَّة كَلَام المُصَنّف كالجوهري أَن نضح ينضح رشّ كضرب، وَالْأَمر مِنْهُ كاضرب، وَفِيه لُغَة أُخْرَى مَشْهُورَة كمنع، وَالْأَمر انْضَحْ كامنع حَكَاهُ أَرْبَاب الْأَفْعَال والشهاب الفيومي فِي الْمِصْبَاح وَغير وَاحِد ... حكى عَن صَاحب الْجَامِع أَن الْكسر لُغَة وَأَن الْفَتْح أفْصح وَنَقله الزَّرْكَشِيّ وَسلمهُ) ا?.

الصفحة 224